لما ذكر تعالى أنَّ المكذِّبين للرسل يُبتلون بالضراء موعظةً وإنذاراً، وبالسراء استدراجاً ومكراً؛ ذكر أنَّ أهل القُرى لو آمنوا بقلوبهم إيماناً صادقاً صدقتْه الأعمالُ، واستعملوا تقوى الله تعالى ظاهراً وباطناً بترك جميع ما حرَّم الله [تعالى]؛ لفتحَ عليهم بركاتِ السَّماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدراراً، وأنبتَ لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيشُ بهائمهُم في أخصب عيش وأغزر رزق من غير عناء ولا تعبٍ ولا كدٍّ ولا نصبٍ، ولكنهم لم يؤمنوا ويتَّقوا، {فأخذناهم بما كانوا يكسِبون}: بالعقوبات والبلايا ونزع البركات وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلاَّ؛ فلو آخذهم بجميع ما كسبوا؛ ما ترك على ظهرها من دابَّةٍ، {ظَهَرَ الفسادُ في البرِّ والبحر بما كَسَبَتْ أيدي الناس لِيُذيقَهم بعضَ الذي عملوا لعلَّهم يرجِعون}.