فإذا كان هذا الانزعاج والقلق لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة؛ فما ظنُّك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟! أليس حقيقياً أن ينخلِعَ قلبُه و [ينزعجَ] لبُّه ويذهلَ عن كلِّ أحدٍ؟! ولهذا قال: {ولا يسألُ حميمٌ حميماً يُبَصِّرونَهم}؛ أي: يشاهدُ الحميمُ ـ وهو القريب ـ حميمَه؛ فلا يبقى في قلبه متَّسع لسؤاله عن حاله ولا فيما يتعلَّق بعشرتهم ومودَّتهم ولا يهمُّه إلاَّ نفسُه. {يودُّ المجرِمُ}: الذي حقَّ عليه العذاب {لو يفتدي من عذاب يومِئِذٍ ببنيهِ. وصاحبتِهِ}؛ أي: زوجته، {وأخيه. وفصيلته}؛ أي: قرابته، {التي تُؤْويه}؛ أي: التي جرت عادتها في الدنيا أن تتناصَرَ ويعينَ بعضها بعضاً؛ ففي [يوم] القيامةِ لا ينفع أحدٌ أحداً، ولا يشفع أحدٌ إلاَّ بإذن الله، بل لو يفتدي المجرمُ المستحقُّ للعذاب بجميع ما في الأرض ثم ينجيه ذلك؛ لم ينفعه.