فامتثل نوحٌ عليه السلام لذلك، وابتدر لأمر الله، فقال: {يا قوم إنِّي لكم نذيرٌ مبينٌ}؛ أي: واضح النذارة بينها، وذلك لتوضيحه ما أنذر به وما أنذر عنه، وبأيِّ شيءٍ تحصُلُ النجاة؛ بيَّن ذلك بياناً شافياً، فأخبرهم وأمرهم بأصل ذلك ، فقال: {أنِ اعبُدوا الله واتَّقوه}: وذلك بإفراده تعالى بالعبادة والتوحيد والبعد عن الشرك وطرقه ووسائله؛ فإنَّهم إذا اتَّقوا الله؛ غَفَرَ ذنوبهم؛ وإذا غفر ذنوبهم، حصل لهم النجاة من العذاب والفوز بالثواب، {ويؤخِّرْكم إلى أجل مسمًّى}؛ أي: يمتِّعكم في هذه الدار ويدفع عنكم الهلاك إلى إجل مسمًّى؛ أي: مقدَّر البقاء في الدنيا بقضاء الله وقدره إلى وقتٍ محدودٍ، وليس المتاع أبداً؛ فإنَّ الموت لا بدَّ منه، ولهذا قال: {إنَّ أجَلَ الله إذا جاء لا يؤخَّرُ لو كنتُم تعلمون}: كما كفرتُم بالله وعاندتُم الحقَّ.