فلم يجيبوا لدعوته، ولا انقادوا لأمره، فقال شاكياً لربِّه: {ربِّ إنِّي دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً. فلم يزِدْهم دعائي إلاَّ فراراً}؛ أي: نفوراً عن الحقِّ وإعراضاً، فلم يبق لذلك فائدةٌ؛ لأنَّ فائدة الدَّعوة أن يحصل جميع المقصود أو بعضه، {وإنِّي كلَّما دعوتُهم لتغفرَ لهم}؛ أي: لأجل أن يستجيبوا؛ فإذا استجابوا؛ غفرتَ لهم، وهذا محضُ مصلحتهم، ولكن أبوا إلاَّ تمادياً على باطلهم ونفوراً عن الحقِّ، {جعلوا أصابِعَهم في آذانهم}؛ حَذَرَ سماع ما يقول لهم نبيُّهم نوحٌ عليه السلام، {واستَغْشَوا ثيابَهم}؛ أي: تغطوا بها غطاءً يغشاهم بعداً عن الحقِّ وبغضاً له، {وأصرُّوا}: على كفرهم وشرِّهم، {واستَكْبَروا}: على الحقِّ {استِكْباراً}: فشرهم ازداد وخيرهم بعد.