ثم استدلَّ عليهم وعلى بعثهم بدليل عقليٍّ، وهو دليلُ الابتداء، فقال: {نحن خَلَقْناهم}؛ أي: أوجدناهم من العدم، {وشَدَدْنا أسْرَهم}؛ أي: أحكمنا خِلْقَتَهم بالأعصاب والعروق والأوتار والقُوى الظاهرة والباطنة، حتى تمَّ الجسم واستكمل وتمكَّن من كلِّ ما يريده؛ فالذي أوجدهم على هذه الحالة قادرٌ على أن يعيدَهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقَّلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار لا يَليقُ به أن يَتْرُكَهم سدىً، لا يُؤْمَرون، ولا يُنْهَوْن، ولا يُثابون، ولا يُعاقبون، ولهذا قال: {وإذا شِئْنا بَدَّلْنا أمثالَهم تَبْديلاً}؛ أي: أنشأناكم للبعث نشأةً أخرى، وأعدْناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم.