لمَّا ذكر عقوبة المكذِّبين؛ ذكر مثوبة المحسنين، فقال: {إنَّ المتَّقين}؛ أي: للتكذيب، المتَّصفين بالتَّصديق في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم، ولا يكونون كذلك إلاَّ بأدائهم الواجبات وتركهم المحرَّمات، {في ظلالٍ}: من كثرة الأشجار المتنوِّعة الزاهرة البهيَّة، {وعيونٍ}: جاريةٍ من السلسبيل والرحيق وغيرهما، {وفواكهَ ممَّا يشتهونَ}؛ أي: من خيار الفواكه وأطيبها ، ويقال لهم: {كُلوا واشْرَبوا}: من المآكل الشهيَّة والأشربة اللَّذيذة، {هنيئاً}؛ أي: من غير منغِّص ولا مكدِّر، ولا يتمُّ هناؤه حتى يسلمَ الطعام والشرابُ من كلِّ آفةٍ ونقصٍ، وحتى يجزموا أنَّه غيرُ منقطع ولا زائل؛ {بما كنتُم تعملونَ}: فأعمالكم هي السبب الموصل لكم إلى جنَّات النعيم المقيم، وهكذا كلُّ من أحسن في عبادة الله وأحسن إلى عباد الله، ولهذا قال: {إنَّا كذلك نجزي المحسِنينَ. ويلٌ يومئذٍ للمكذِّبين}: ولو لم يكن من هذا الويل إلاَّ فوات هذا النعيم؛ لكفى به حزناً وحرماناً.