هذا تهديدٌ ووعيدٌ للمكذِّبين أنَّهم وإن أكلوا في الدُّنيا وشربوا وتمتَّعوا باللَّذَّات وغفلوا عن القُرُبات؛ فإنَّهم مجرمون يستحقُّون ما يستحقُّه المجرمون، فتنقطع عنهم اللَّذَّات، وتبقى عليهم التَّبِعات. ومن إجرامهم أنَّهم إذا أمِروا بالصَّلاة التي هي أشرف العبادات، و {قيل لهم اركعوا}: امتنعوا من ذلك؛ فأيُّ إجرام فوق هذا؟ وأيُّ تكذيب يزيد على هذا؟ {ويلٌ يومئذٍ للمكذِّبين}: ومن الويل عليهم أنَّهم تنسدُّ عنهم أبواب التوفيق ويُحْرَمون كلَّ خيرٍ؛ فإنَّهم إذا كذَّبوا هذا القرآن الذي هو أعلى مراتب الصدق واليقين على الإطلاق؛ {فبأيِّ حديثٍ بعدَه يؤمنونَ}: أبالباطل الذي هو كاسمه لا يقوم عليه شبهةٌ فضلاً عن الدليل؟ أم بكلام مشركٍ كذَّابٍ أفَّاكٍ مبينٍ؟ فليس بعد النُّور المبين إلاَّ دياجي الظلمات، ولا بعد الصدق الذي قامت الأدلة والبراهين القاطعة إلاَّ الإفك الصراح والكذب المبينُ الذي لا يَليقُ إلاَّ بمن يناسبه؛ فتبًّا لهم ما أعماهم! وويحاً لهم ما أخسرهم وأشقاهم! نسأل الله العفو والعافية؛ إنَّه جوادٌ كريمٌ.