وإنَّما استحقُّوا هذه العقوبات الفظيعة جزاءً لهم وفاقاً على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها، لم يظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم، ولهذا ذكر أعمالهم التي استحقُّوا بها هذا الجزاء، فقال: {إنَّهم كانوا لا يرجونَ حساباً}؛ أي: لا يؤمنون بالبعث، ولا أنَّ الله يجازي الخلق بالخير والشرِّ؛ فلذلك أهملوا العمل للآخرة، {وكذَّبوا بآياتِنا كِذَّاباً}؛ أي: كذَّبوا بها تكذيباً واضحاً صريحاً، وجاءتهم البيِّنات فعاندوها، {وكلَّ شيءٍ}: من قليلٍ وكثيرٍ وخيرٍ وشرٍّ، {أحصيناه كتاباً}؛ أي: أثبتناه في اللوح المحفوظ؛ فلا يحسب المجرمون أنَّا عذَّبناهم بذنوب لم يعملوها، ولا يحسبوا أنَّه يضيع من أعمالهم شيءٌ أو يُنسى منها مثقالُ ذرَّةٍ؛ كما قال تعالى: {ووُضِعَ الكتابُ فترى المجرمين مشفقين ممَّا فيه ويقولون يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادِرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ووجدَوا ما عمِلوا حاضراً ولا يظلِمُ ربُّك أحداً}. {فذوقوا}: أيُّها المكذِّبون هذا العذاب الأليم والخزيَ الدائم، {فلن نزيدكم إلاَّ عذاباً}: فكلُّ وقتٍ وحينٍ يزدادُ عذابُهم. وهذه الآيةُ أشدُّ الآيات في شدَّة عذاب أهل النار، أجارنا الله منها.