يعني: أن الله تعالى إنما جعل بيته الحرام ليقامَ فيه دينُه وتُخْلَصَ له فيه العبادة؛ فالمؤمنون هم الذين قاموا بهذا الأمر، وأما هؤلاء المشركون الذين يصدُّون عنه؛ فما كان صلاتُهم فيه، التي هي أكبر أنواع العبادات {إلَّا مُكاءً وتصديةً}؛ أي: صفيراً وتصفيقاً؛ فعلَ الجهلة الأغبياء، الذين ليس في قلوبهم تعظيمٌ لربِّهم ولا معرفة بحقوقه ولا احترام لأفضل البقاع وأشرفها؛ فإذا كانت هذه صلاتهم فيه؛ فكيف ببقيَّة العبادات؟! فبأيِّ شيء كانوا أولى بهذا البيت من المؤمنين، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون؟! ... إلى آخر ما وصفهم الله به من الصفات الحميدة والأفعال السديدة لا جرم أورثهم الله بيته الحرام ومكَّنهم منه، وقال [لهم] بعدما مكَّن لهم فيه: {يا أيُّها الذين آمنوا إنَّما المشركون نَجَسٌ فلا يَقْرَبوا المسجدَ الحرامَ بعد عامهم هذا}، وقال هنا: {فذوقوا العذابَ بما كنتُم تكفرون}.