سورة الأنفال تفسير السعدي الآية 44

وَإِذۡ یُرِیكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَیۡتُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِكُمۡ قَلِیلࣰا وَیُقَلِّلُكُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِهِمۡ لِیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴿٤٤﴾

تفسير السعدي سورة الأنفال

وكان الله قد أرى رسولَه المشركين في الرؤيا العدو قليلاً، فبشَّر بذلك أصحابه، فاطمأنَّت قلوبُهم وثبتت أفئدتهم. {ولو أراكَهم اللهُ كثيراً}: فأخبرتَ بذلك أصحابك، {لَفَشِلْتُم ولَتَنازَعْتُم في الأمر}: فمنكم من يرى الإقدامَ على قتالهم ومنكم من لا يرى ذلك، والتنازع مما يوجب الفشل ، {ولكنَّ الله سلَّم}؛ أي: لطف بكم. {إنَّه عليمٌ بذات الصُّدور}؛ أي: بما فيها من ثبات وجَزَع وصدق وكذب، فعلم الله من قلوبكم ما صار سبباً للطفه وإحسانِهِ بكم وصدق رؤيا رسوله، فأرى الله المؤمنين عدوَّهم قليلاً في أعينهم، ويقلِّلكم يا معشر المؤمنين في أعينهم؛ فكلٌّ من الطائفتين ترى الأخرى قليلة؛ لِتُقْدِمَ كلٌّ منهما على الأخرى. {ليقضيَ اللهُ أمراً كان مفعولاً}: من نصر المؤمنين، وخذلان الكافرين، وقتل قادتهم ورؤساء الضلال منهم، ولم يَبْقَ منهم أحدٌ له اسم يذكر، فيتيسَّر بعد ذلك انقيادُهم إذا دُعوا إلى الإسلام، فصار أيضاً لطفاً بالباقين، الذين مَنَّ الله عليهم بالإسلام. {وإلى الله تُرْجَعُ الأمور}؛ أي: جميع أمور الخلائق تَرْجِعُ إلى الله، فَيميزُ الخبيثَ من الطيب، ويحكمُ في الخلائق بحكمه العادل الذي لا جَوْر فيه ولا ظلم.