هذا عقدُ موالاة ومحبَّة عقدها الله بين المهاجرين الذين آمنوا وهاجروا في سبيل الله وتركوا أوطانهم لله لأجل الجهاد في سبيل الله وبين الأنصار الذين آوَوْا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأعانوهم في ديارهم وأموالهم وأنفسهم؛ فهؤلاء بعضُهم أولياءُ بعض؛ لكمال إيمانهم وتمام اتِّصال بعضهم ببعض. {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} فإنَّهم قطعوا ولايتكم بانفصالهم عنكم في وقت شدَّة الحاجة إلى الرجال، فلمَّا لم يهاجروا؛ لم يكن لهم من ولاية المؤمنين شيءٌ، لكنَّهم {إن استنصروكم في الدين}؛ أي: لأجل قتال من قاتلهم؛ [لأجل دينهم] {فعليكُمُ النصرُ}: والقتال معهم، وأما من قاتلوهم لغير ذلك من المقاصد؛ فليس عليكم نصرهم. وقوله تعالى: {إلَّا على قوم بينكم وبينَهم ميثاقٌ}؛ أي: عهدٌ بترك القتال؛ فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميِّزون الذين لم يهاجروا قتالهم؛ فلا تعينوهم عليهم؛ لأجل ما بينَكم وبينَهم من الميثاق. {والله بما تعملونَ بصيرٌ}: يعلمُ ما أنتم عليه من الأحوال، فيشرعُ لكم من الأحكام ما يَليقُ بكم.