ثم أرشده الله إلى النظر والتفكُّر في طعامه، وكيف وصل إليه بعدما تكرَّرت عليه طبقاتٌ عديدةٌ ويسَّره
[اللَّهُ] له؛ فقال:
{فلينظُرِ الإنسانُ إلى طعامه. أنَّا صَبَبْنا الماء صَبًّا}؛ أي: أنزلنا المطر على الأرض بكثرة
{ثم شَقَقْنا الأرض} للنبات
{شقًّا. فأنبَتْنا فيها}: أصنافاً مصنَّفة من أنواع الأطعمة اللذيذة والأقوات الشهيَّة،
{حبًّا}: وهذا شاملٌ لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها،
{وعنباً وقضباً}: وهو القتُّ،
{وزيتوناً ونخلاً}: وخصَّ هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها،
{وحدائق غُلْباً}؛ أي: بساتين فيها الأشجار الكثيرة الملتفَّة ،
{وفاكهةً وأبًّا}: الفاكهة ما يتفكَّه فيه الإنسان من تينٍ وعنبٍ وخوخٍ ورمانٍ وغير ذلك. والأبُّ ما تأكله البهائم و
الأنعام، ولهذا قال:
{متاعاً لكم ولأنعامكم}: التي خلقها الله وسخَّرَها لكم. فمن نظر في هذه النعم؛ أوجب له ذلك شكر ربِّه وبذلَ الجهد في الإنابة إليه والإقبال على طاعته والتَّصديق لأخباره.