أي: إذا جاءت صيحة القيامةِ التي تُصَخُّ لهولها الأسماع وتنزعج لها الأفئدة يومئذٍ؛ ممَّا يرى الناس من الأهوال وشدَّة الحاجة لسالف الأعمال؛ يفرُّ المرء من أعزِّ الناس إليه وأشفقهم عليه ؛ من أخيه وأمِّه وأبيه وصاحبته؛ أي: زوجته وبنيه، وذلك لأنَّه {لكلِّ امرئٍ منهم يومئدٍ شأنٌ يُغنيه}؛ أي: قد أشغلته نفسُه، واهتمَّ لفكاكها، ولم يكنْ له التفاتٌ إلى غيرها. فحينئذٍ ينقسم الخلقُ إلى فريقين: سعداء وأشقياء: فأمَّا السعداءُ؛ فوجوههم {يومئذٍ مسفرةٌ}؛ أي: قد ظهر فيها السرور والبهجةُ مما عرفوا من نجاتهم وفوزهم بالنعيم، {ضاحكةٌ مستبشرةٌ. ووجوهٌ}: الأشقياء {يومئذٍ عليها غَبَرَةٌ. ترهقُها}؛ أي: تغشاها {قترةٌ}: فهي سوداء مظلمةٌ مدلهمةٌ، قد أيست من كلِّ خير، وعرفتْ شقاءها وهلاكها. {أولئك}: الذين بهذا الوصف، {هم الكفرةُ الفجرةُ}؛ أي: الذين كفروا بنعمة الله، وكذَّبوا بآياته، وتجرَّؤوا على محارمِهِ. نسأل الله العفوَ والعافيةَ؛ إنَّه جوادٌ كريمٌ.