{عبس}؛ أي: في وجهه، {وتولَّى}: في بدنه لأجل مجيء الأعمى له. ثم ذكر الفائدة في الإقبال عليه، فقال: {وما يدريكَ لعلَّه}؛ أي: الأعمى، {يَزَّكَّى}؛ أي: يتطهر عن الأخلاق الرذيلة ويتصف بالأخلاق الجميلة، {أو يَذَّكَّرُ فَتَنفعهُ الذِّكرَى}؛ أي: يتذكَّر ما ينفعه فينتفع بتلك الذِّكرى، وهذه فائدةٌ كبيرةٌ، هي المقصودة من بعثة الرسل ووعظ الوعَّاظ وتذكير المذكِّرين؛ فإقبالُك على مَنْ جاء بنفسه مفتقراً لذلك مقبلاً هو الأليقُ الواجب، وأما تصدِّيك وتعرُّضِك للغنيِّ المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير مع تركك مَنْ أهمُّ منه؛ فإنَّه لا ينبغي لك؛ فإنَّه ليس عليك أن لا يَزَّكَّى؛ فلو لم يَتَزَكَّ؛ فلست بمحاسبٍ على ما عمله من الشرِّ، فدلَّ هذا على القاعدة المشهورة؛ أنَّه لا يُترَك أمرٌ معلومٌ لأمرٍ موهومٍ، ولا مصلحة متحقِّقة لمصلحة متوهَّمة، وأنَّه ينبغي الإقبال على طالب العلم المفتقر إليه الحريص عليه أزيد من غيره.