فالذي أوجد الإنسان من ماءٍ دافقٍ يخرج من هذا الموضع الصعب قادرٌ على رجعه في الآخرة وإعادته للبعث والنُّشور والجزاء. وقد قيل: إنَّ معناه أنَّ الله على رجع الماءِ المدفوق في الصُّلب لَقادرٌ، وهذا وإن كان المعنى صحيحاً؛ فليس هو المرادُ من الآية، ولهذا قال بعده: {يومَ تُبلى السرائر}؛ أي: تختبر سرائر الصدور ويظهر ما كان في القلوب من خيرٍ وشرٍّ على صفحات الوجوه؛ كما قال تعالى: {يوم تبيضُّ وجوهٌ وتسودُّ وجوهٌ}؛ ففي الدُّنيا تنكتم كثيرٌ من الأشياء ولا يظهر عياناً للناس، وأمَّا يوم القيامة ؛ فيظهر بِرُّ الأبرار وفجورُ الفجار، وتصير الأمور علانيةً. وقوله: {فما له من قوَّةٍ}؛ أي: من نفسه يدفع بها ، {ولا ناصرٍ}: من خارجٍ ينتصر به، فهذا القسمُ على العاملين وقت عملهم وعند جزائهم.