وأمَّا أهلُ الخير؛ فوجوههم يوم القيامةِ {ناعمةٌ}؛ أي: قد جرت عليهم نَضْرَةُ النعيم فَنَضَّرَتْ أبدانهم واستنارت وجوههم وسُرُّوا غاية السرور، {لسعيها}: الذي قدَّمته في الدُّنيا من الأعمال الصالحة والإحسان إلى عباد الله، {راضيةٌ}: إذْ وجدت ثوابه مدَّخراً مضاعفاً، فحمدت عقباه، وحصل لها كلُّ ما تتمنَّاه. وذلك أنَّها {في جنَّةٍ}: جامعةٍ لأنواع النَّعيم كلّها، {عاليةٍ}: في محلِّها ومنازلها؛ فمحلُّها في أعلى عِلِّيين، ومنازلها مساكنُ عاليةٌ، لها غرفٌ، ومن فوق الغرف غرفٌ مبنيَّةٌ يشرفون منها على ما أعدَّ الله لهم من الكرامة. ({قطوفُها دانيةٌ}؛ أي: كثيرة الفواكه اللذيذة المثمرة بالثمار الحسنة السهلة التناول؛ بحيث ينالونها على أيِّ حال كانوا، لا يحتاجون أن يَصْعَدوا شجرةً أو يستعصي عليهم منها ثمرةٌ). {لا تسمع فيها}؛ أي: الجنَّة {لاغيةً}؛ أي: كلمة لغوٍ وباطلٍ فضلاً عن الكلام المحرَّم، بل كلامُهم كلامٌ حسنٌ نافعٌ، مشتملٌ على ذكر الله وذكر نعمه المتواترة عليهم وعلى الآداب الحسنة بين المتعاشِرين الذي يسرُّ القلوب ويشرح الصدور. {فيها عينٌ جاريةٌ}: وهذا اسم جنس؛ أي: فيها العيون الجارية التي يفجِّرونها ويصرِّفونها كيف شاؤوا وأنَّى أرادوا. {فيها سررٌ مرفوعةٌ}: والسرر جمعُ سريرٍ، وهي المجالس المرتفعة في ذاتها وبما عليها من الفُرُش الليِّنة الوطيئة. {وأكوابٌ موضوعةٌ}؛ أي: أوانٍ ممتلئةٌ من أنواع الأشربة اللذيذة، قد وضعت بين أيديهم، وأعدَّت لهم، وصارت تحت طلبهم واختيارهم، يطوفُ بها عليهم الولدان المخلدون. {ونمارقُ مصفوفةٌ}؛ أي: وسائد من الحرير والإستبرق وغيرهما مما لا يعلمه إلاَّ الله، قد صُفَّتْ للجلوس والاتِّكاء عليها، وقد أريحوا عن أن يضعوها أو يصفوها بأنفسهم. {وزَرابِيُّ مبثوثةٌ}: والزرابِيُّ هي البسط الحسان، مبثوثةٌ؛ أي: مملوءةٌ بها مجالسهم من كلِّ جانب.