يخبر تعالى أنه من لطفه وإحسانه {تاب على النبيِّ}: محمد - صلى الله عليه وسلم -، {والمهاجرين والأنصار}: فغفر لهم الزَّلاَّت ووفَّر لهم الحسنات ورقَّاهم إلى أعلى الدرجات، وذلك بسبب قيامهم بالأعمال الصعبة الشاقَّات، ولهذا قال: {الذين اتَّبعوه في ساعةِ العُسْرَةِ}؛ أي: خرجوا معه لقتال الأعداء في غزوة تبوك ، وكانت في حرٍّ شديد وضيق من الزاد والركوب وكثرة عدوٍ مما يدعو إلى التخلُّف، فاستعانوا الله تعالى، وقاموا بذلك {من بعدِ ما كاد يَزيغُ قلوبُ فريق منهم}؛ أي: تنقلب قلوبهم ويميلوا إلى الدَّعة والسكون، ولكنَّ الله ثبَّتهم وأيَّدهم وقوَّاهم. وزيغُ القلب هو انحرافُه عن الصراط المستقيم؛ فإن كان الانحراف في أصل الدين؛ كان كفراً، وإنْ كان في شرائعِهِ؛ كان بحسب تلك الشريعة التي زاغَ عنها: إما قصَّر عن فعلها، أو فَعَلَها على غير الوجه الشرعيِّ. وقوله: {ثمَّ تاب عليهم}؛ أي: قبل توبتهم. {إنَّه بهم رءوفٌ رحيمٌ}: ومن رأفته ورحمته أنْ مَنَّ عليهم بالتوبة وقبلها منهم، وثبَّتهم عليها.