يعني: أن المنافقين الذين يحذرون أن تنزل عليهم سورةٌ تنبِّئهم بما في قلوبهم. إذا نَزَلَتْ سورةٌ ليؤمنوا بها ويعملوا بمضمونها، {نَظَرَ بعضُهم إلى بعضٍ}: جازمين على ترك العمل بها، ينتظرون الفرصة في الاختفاء عن أعين المؤمنين، ويقولون: {هل يراكُم مِن أحدٍ ثم انصرفوا}: متسلِّلين وانقلبوا معرضين، فجازاهم الله بعقوبةٍ من جنس عملهم؛ فكما انصرفوا عن العمل؛ {صَرَفَ الله قلوبَهم}؛ أي: صدَّها عن الحقِّ وخذلها، {بأنَّهم قومٌ لا يفقهون}: فقهاً ينفعهم؛ فإنَّهم لو فقهوا؛ لكانوا إذا نزلت سورةٌ آمنوا بها وانقادوا لأمرها. والمقصودُ من هذا بيانُ شدَّة نفورهم عن الجهادِ وغيره من شرائع الإيمان؛ كما قال تعالى عنهم: {فإذا أنزِلَتْ سورةٌ محكَمَةٌ وذُكِرَ فيها القتالُ رأيت الذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نَظَرَ المغشيِّ عليه من الموتِ}.