يقول تعالى لعباده المؤمنين بعدما أمرهم بالجهاد: {أم حسبتُم أن تُتْرَكوا}: من دون ابتلاء وامتحان وأمر بما يَبينُ به الصادقُ والكاذب، {ولما يَعْلَمِ اللهُ الذين جاهدوا منكم}؛ أي: علماً يظهر مما في القوة إلى الخارج؛ ليترتَّب عليه الثواب والعقاب، فيعلم الذين يجاهدون في سبيله لإعلاء كلمته، {ولم يتَّخذوا من دون الله ولا رسولِهِ ولا المؤمنينَ وَليجةً}؛ أي: وليًّا من الكافرين، بل يتَّخذون الله ورسوله والمؤمنين أولياء. فشرع الله الجهادَ ليحصُلَ به هذا المقصود الأعظم، وهو أن يتميَّزَ الصادقون الذين لا يتحيَّزون إلاَّ لدين الله من الكاذبين الذين يزعمون الإيمان وهم يتَّخذون الولائج والأولياء من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين. {والله خبيرٌ بما تعملون}؛ أي: يعلم ما يصير منكم ويصدر، فيبتليكم بما يظهر به حقيقة ما أنتم عليه، ويجازيكم على أعمالكم خيرها وشرِّها.