يقول تعالى: فلا تعجبْك أموالُ هؤلاء المنافقين ولا أولادُهم؛ فإنه لا غبطة فيها، وأول بركاتها عليهم أن قدَّموها على مراضي ربِّهم وعصوا الله لأجلها. {إنَّما يريد الله ليعذِّبَهم بها في الحياة الدُّنيا}: والمراد بالعذاب هنا ما ينالهم من المشقَّة في تحصيلها والسعي الشديد في ذلك وهمِّ القلب فيها وتعب البدن؛ فلو قابلت لَذَّاتهم فيها بمشقَّاتهم؛ لم يكن لها نسبة إليها؛ فهي لَمَّا ألهتهم عن الله وذكره؛ صارت وبالاً عليهم حتى في الدنيا، ومن وبالها العظيم الخطر أنَّ قلوبهم تتعلَّق بها وإراداتهم لا تتعداها، فتكون منتهى مطلوبِهم وغاية مرغوبِهم، ولا يبقى في قلوبهم للآخرة نصيبٌ، فيوجب ذلك أن ينتقلوا من الدنيا، {وَتَزْهَقَ أنفسُهُم وهم كافرون}؛ فأي عقوبة أعظم من هذه العقوبة الموجبة للشَّقاء الدائم والحسرة الملازمة؟!