كانت هذه السورة الكريمة تسمى الفاضحة؛ لأنها بيَّنت أسرار المنافقين وهتكت أستارهم؛ فما زال الله يقول: ومنهم، ومنهم ... ويذكر أوصافهم؛ إلاَّ أنه لم يعيِّن أشخاصهم لفائدتين: إحداهما: أن الله سِتِّيرٌ يحبُّ الستر على عباده. والثانية: أن الذَّمَّ على مَن اتَّصف بذلك الوصف من المنافقين الذين توجَه إليهم الخطاب وغيرهم إلى يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعمَّ وأنسبَ، حتى خافوا غاية الخوف؛ قال الله تعالى:
{لئن لم يَنتَهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ والمرجِفونَ في المدينةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بهم ثم لا يجاوِرونَكَ فيها إلاَّ قليلاً. ملعونينَ أينما ثُقِفوا أُخِذوا وَقُتِّلوا تَقْتيلاً}. وقال هنا:
{يَحْذَرُ المنافقون أن تنزل عليهم سورةٌ تنبِّئهم بما في قلوبهم}؛ أي: تخبرهم وتفضحهم وتبيِّن أسرارهم، حتى تكون علانيةً لعباده، ويكونوا عبرة للمعتبرين.
{قل استهزِئوا}؛ أي: استمرُّوا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسُّخرية.
{إنَّ الله مخرجٌ ما تحذرونَ}: وقد وفى تعالى بوعدِهِ، فأنزل هذه السورة التي بيَّنتهم، وفضحتهم، وهتكت أستارهم.