واعلم أن المسيء المذنب له ثلاثُ حالاتٍ: إما يُقْبَلُ قولُه وعذرُه ظاهراً وباطناً ويُعفى عنه بحيث يبقى كأنه لم يذنبْ. [فهذه الحالة هي المذكورة هنا في حق المنافقين أن عذرهم غير مقبول، وأنه قد تقررت أحوالهم الخبيثة وأعمالهم السيئة]. وإما أن يُعاقبوا بالعقوبة والتَّعزير الفعليِّ على ذنبهم. وإما أن يُعْرَضَ عنهم، ولا يقابَلوا بما فعلوا بالعقوبة الفعليَّة. وهذه الحال الثالثة هي التي أمر الله بها في حقِّ المنافقين، ولهذا قال: {سيحلفون باللهِ لكم إذا انقلبتُم إليهم لتُعْرِضوا عنهم فأعرِضوا عنهم}؛ أي: لا توبِّخوهم ولا تجلِدوهم أو تقتُلوهم. {إنَّهم رجسٌ}؛ أي: إنهم قذرٌ خبثاء، ليسوا بأهل لأن يُبالى بهم، وليس التوبيخ والعقوبة مفيداً فيهم. {و} تكفيهم عقوبة {جهنَّم جزاءً بما كانوا يكسِبون}.