يقول تعالى: {الأعرابُ}: وهم سكان البادية والبراري، {أشدُّ كفراً ونفاقاً}: من الحاضرة الذين فيهم كفرٌ ونفاقٌ، وذلك لأسبابٍ كثيرة؛ منها: أنهم بعيدون عن معرفة الشرائع الدينيَّة والأعمال والأحكام؛ فهم أحرى {وأجدرُ أن لا يعلموا حدودَ ما أنزلَ الله على رسوله}: من أصول الإيمان وأحكام الأوامر والنواهي؛ بخلاف الحاضرة؛ فإنَّهم أقرب لأن يعلموا حدود ما أنزل الله على رسولِهِ، فيحدُثُ لهم بسبب هذا العلم تصوُّرات حسنة وإرادات للخير الذي يعلمون ما لا يكون في البادية. وفيهم من لطافة الطبع والانقياد للدَّاعي ما ليس في البادية. ويجالسون أهل الإيمان، ويخالطونهم أكثر من أهل البادية؛ فلذلك كانوا أحرى للخير من أهل البادية، وإن كان في البادية والحاضرة كفارٌ ومنافقون؛ ففي البادية أشدُّ وأغلظ مما في الحاضرة.