ولهذا قال: {فأمَّا اليتيمَ فلا تَقْهَرْ}؛ أي: لا تُسِئْ معاملة اليتيم، ولا يَضِقْ صدرُك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسَّر، واصنع به كما تحبُّ أن يُصْنَعَ بولدك من بعدك، {وأمَّا السائلَ فلا تنهر}؛ أي: لا يصدر منك كلامٌ للسائل يقتضي ردَّه عن مطلوبه بنَهْرٍ وشراسةِ خلقٍ، بل أعطه ما تيسَّر عندك، أو ردَّه بمعروفٍ وإحسانٍ. ويدخل في هذا السائل للمال والسائل للعلم، ولهذا كان المعلِّم مأموراً بحسن الخلق مع المتعلِّم ومباشرته بالإكرام والتحنُّن عليه؛ فإنَّ في ذلك معونةً له على مقصده وإكراماً لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد، {وأمَّا بنعمة ربِّك فَحَدِّثْ}: وهذا يشمل النِّعم الدينيَّة والدنيويَّة ؛ أي: أثْنِ على الله بها، وخُصَّها بالذِّكر إن كان هناك مصلحةٌ، وإلاَّ؛ فحدِّث بنعم الله على الإطلاق؛ فإنَّ التحدُّث بنعمة الله داعٍ لشكرها وموجبٌ لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها؛ فإنَّ القلوب مجبولةٌ على محبَّة المحسن.