وقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين}؛ أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عمّا عداه؛ فكأنه يقول: نعبدك، ولا نعبد غيرك، ونستعين بك، ولا نستعين بغيرك، وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص، واهتماماً بتقديم حقه تعالى على حق عبده. والعبادة: اسم جامع لِمَا يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، والاستعانة هي: الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك. والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، وإنما تكون العبادة عبادةً إذا كانت مأخوذة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقصوداً بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها؛ لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى؛ فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي.