وهذا إخبارٌ عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنَّه إذا مسَّه ضرٌّ من مرض أو مصيبة؛ اجتهد في الدعاء، وسأل الله في جميع أحواله؛ قائماً وقاعداً ومضطجعاً، وألحَّ في الدعاء؛ ليكشف الله عنه ضرَّه، {فلما كشفنا عنه ضُرَّه مَرَّ كأن لم يَدْعُنا إلى ضُرٍّ مسَّه}؛ أي: استمر في غفلته معرضاً عن ربِّه كأنه ما جاءه ضرٌّ فكشفه الله عنه؛ فأيُّ ظلم أعظم من هذا الظلم؛ يطلب من الله قضاء غرضه؛ فإذا أناله إياه؛ لم ينظرْ إلى حقِّ ربِّه؛ وكأنه ليس عليه لله حقٌّ؟! وهذا تزيينٌ من الشيطان زيَّن له ما كان مستهجناً مستقبحاً في العقول والفطر، {كذلك زُيِّن للمسرفين}؛ أي: المتجاوزين للحدِّ {ما كانوا يعملونَ}.