وهذا من لطفه وإحسانه بعباده: أنَّه لو عجَّل لهم الشرَّ إذا أتَوْا بأسبابه وبادَرَهم بالعقوبة على ذلك كما يعجِّل لهم الخير إذا أَتَوْا بأسبابه؛ {لَقُضِيَ إليهم أجلُهم}؛ أي: لمحقتهم العقوبة، ولكنه تعالى يمهِلُهم ولا يهملهم ويعفو عن كثيرٍ من حقوقه؛ فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم؛ ما ترك على ظهرها من دابَّة، ويدخل في هذا أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله ربَّما دعا عليهم دعوةً لو قُبِلَتْ منه؛ لهلكوا ولأضرَّه ذلك غاية الضرر، ولكنَّه تعالى حليمٌ حكيمٌ. وقوله: {فَنَذَرُ الذين لا يرجون لقاءنا}؛ أي: لا يؤمنون بالآخرة؛ فلذلك لا يستعدُّون لها ولا يعملون ما يُنجيهم من عذاب الله، {في طغيانِهِم}؛ أي: باطلهم الذي جاوزوا به الحقَّ والحدَّ {يعمهون}: يترَّددون حائرين، لا يهتدون السبيل، ولا يوفَّقون لأقوم دليل، وذلك عقوبة لهم على ظلمهم وكفرهم بآيات الله.