يذكر تعالى تعنُّت المكذِّبين لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم إذا تُتلى عليهم آيات الله القرآنية المبيِّنة للحقِّ؛ أعرضوا عنها، وطلبوا وجوه التعنُّت، فقالوا جراءة منهم وظلماً: {ائت بقرآنٍ غير هذا أو بدِّلْه}: فقبَّحهم الله؛ ما أجرأهم على الله وأشدَّهم ظلماً وردًّا لآياته! فإذا كان الرسول العظيم يأمره الله أن يقول لهم: {قلْ ما يكون لي}؛ أي: ما ينبغي ولا يَليقُ {أن أبدِّلَه من تلقاء نفسي}؛ فإني رسولٌ محضٌ، ليس لي من الأمر شيء. {إنْ أتَّبِعُ إلا ما يوحى إليَّ}؛ أي: ليس لي غير ذلك؛ فإني عبدٌ مأمور، {إني أخاف إن عصيتُ ربي عذابَ يوم عظيم}: فهذا قولُ خير الخلق وأدبُه مع أوامر ربِّه ووحيه؛ فكيف بهؤلاء السفهاء الضالِّين الذين جمعوا بين الجهل والضَّلال والظُّلم والعناد والتعنُّت والتعجيز لربِّ العالمين؛ أفلا يخافون عذابَ يوم عظيم؟! فإن زعموا أنَّ قصدهم أن يتبيَّن لهم الحقُّ بالآيات التي طلبوا؛ فهم كَذَبة في ذلك؛ فإنَّ الله قد بيَّن من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، وهو الذي يصرِّفها كيف يشاء؛ تابعاً لحكمته الربانيَّة ورحمته بعباده.