{قل لو شاء الله ما تلوتُه عليكم ولا أدراكم به فقد لبِثْتُ فيكم عُمُراً} طويلاً {من قبله}؛ أي: قبل تلاوته وقبل درايتكم به وأنا ما خَطَر على بالي ولا وقع في ظني. {أفلا تعقلونَ}: أنِّي حيث لم أتقوَّلُه في مدة عمري، ولا صَدَر مني ما يدلُّ على ذلك؛ فكيف أتقوَّله بعد ذلك، وقد لبثت فيكم عمراً طويلاً، تعرفون حقيقة حالي، بأني أميٌّ لا أقرأ، ولا أكتب، ولا أدرس، ولا أتعلَّم من أحدٍ، فأتيتُكم بكتاب عظيم أعجز الفصحاء وأعيا العلماء؛ فهل يمكن مع هذا أن يكون من تلقاء نفسي؟! أم هذا دليلٌ قاطع أنه تنزيل من حكيم حميد؟! فلو أعملتم أفكاركم وعقولكم، وتدبَّرتم حالي وحال هذا الكتاب؛ لجزمتم جزماً لا يقبل الرَّيْب بصدقِهِ، وأنَّه الحقُّ الذي ليس بعده إلا الضلال، ولكن إذا أبيتم إلا التكذيب والعناد؛ فأنتم لا شكَّ أنكم ظالمون.