سورة قريش تفسير مجالس النور الآية 1

لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ ﴿١﴾

تفسير مجالس النور سورة قريش

المجلس السابع والتسعون بعد المائتين: أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف


سورة قريش


على صِلةٍ بسورة الفيل والحديث عن مكَّة وأمنها وحمايتها، تأتي هذه السورة لتُذكِّر قريشًا بنعمة الله عليهم في أمنهم، وفي أسباب رزقهم، فبعد هلاك أبرهة وجيشه، زادَت هيبةُ البيت في نفوس العرب، وزاد تعظيمُهم له، وأصبَحَت قريش آمنة في إقامتها، وفي ظعنها، وطرق تجاراتها لا يتعرَّضُ لهم أحدٌ، ولا يُنافِسُهم أحدٌ، وقد ذكَّرهم القرآن بكلِّ هذا ليشكُرُوا اللهَ على نعمائه، وليعبدوه وحده دون شريكٍ أو وسيطٍ ﴿لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ ﴿١﴾ إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ ﴿٢﴾ فَلۡیَعۡبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ ﴿٣﴾ ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ﴾.
ويلحظ هنا ربط القرآن بين الأمن وبين الغذاء، وهذه معادلةٌ علميَّةٌ دقيقةٌ يُشير إليها القرآن الكريم لضمان استقرار المجتمع؛ فالشعوب الجائعة التي لا تقدِرُ على سدِّ حاجاتها الضروريَّة تكون مؤهَّلة للفوضى، وانتشار الجريمة، وشيوع الرشوات والسرقات، والمجتمع المضطرب والفوضوي لا يمكن أن يُنتِج ما يسدُّ به حاجةَ أفراده، وهكذا يُغذّي الجوعُ الخوفَ، ويُغذّي الخوفُ الجوعَ.


﴿لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ ﴿١﴾ إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ﴾ أي: لما تألَفُه قريش في شأن تجارتها من رحلةٍ في كلِّ شتاءٍ إلى اليمن، وأخرى في كلِّ صيفٍ إلى الشام، وعدَّ كثيرٌ من المفسِّرين اللام التي في صدر السورة لام تعليل مُتعلّقة بقصة الفيل، أي: أنّ الله أهلَكَ جيش أبرهة؛ ليبقى لقريش أمنها واستقرارها وما ألِفَتْه بشأن تجارتها، وسواء كانت هذه اللام مُتعلِّقة بالسورة التي قبلها أو أنَّها لامٌ ابتدائيَّة للتعجُّب من أمر قريش كيف يكفُرون بالله ويُشرِكون به مع رِعايةِ الله لهم، وهذا الأقربُ - والله أعلم -، إلَّا أنَّه في الحالَين لا يمكن فصل السورتَين عن بعضهما من حيث اتصال السياق، ووحدة الموضوع، والله أعلم.
﴿فَلۡیَعۡبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ ﴾ الذي حماه، وحمى شرفهم ومكانتهم وأمنهم به.
﴿ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ ﴾ بتأمين طرق التجارة إليهم.
﴿وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ ﴾ بعد إهلاك جيش أبرهة وتعظيم هيبتهم ومكانتهم بهذا البيت في نفوس العرب.