في ختام هذه
القصص المختلفة يعرض القرآن النتيجة الكلية لهذا الصراع الطويل والمتنوع بين معسكر الإيمان والعدل والفطرة وبين معسكر الكفر والظلم والشذوذ، مُذكرًا بقصة موسى
عليه السلام مع فرعون، القصة التي أخذت المساحة الأوسع من بين كل
القصص القرآني، بينما اكتَفَت هذه السورة بالتذكير بها في نهاية المطاف مثالًا خاتمًا لنهاية الظالمين:
أولًا: يقدم القرآن الكريم فرعون نموذجًا للطاغية الذي لا ينفع معه بيان، ولا حجّة، ولا تذكير، الطاغية الذي يقود قومه للهلاك والدمار إرضاءً لغروره وعناده، واستهانةً بالبلاد والعباد
﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَا وَسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینٍ ﴿٩٦﴾ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِیْهِۦ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمۡرَ فِرۡعَوۡنَۖ وَمَاۤ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِیدࣲ ﴿٩٧﴾ یَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ ﴿٩٨﴾ وَأُتۡبِعُواْ فِی هَـٰذِهِۦ لَعۡنَةࣰ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ بِئۡسَ ٱلرِّفۡدُ ٱلۡمَرۡفُودُ﴾.
والآيات تنصُّ على أنه كان سببًا في نزول اللعنَتَين: لعنة الدنيا بالهلاك والدمار، ولعنة الآخرة بالنار وغضب الجبار.
ثانيًا: أن هذا الذي أصاب فرعون وقومه إنما كان بما كسبت أيديهم
﴿وَمَا ظَلَمۡنَـٰهُمۡ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمۡۖ فَمَاۤ أَغۡنَتۡ عَنۡهُمۡ ءَالِهَتُهُمُ ٱلَّتِی یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲ لَّمَّا جَاۤءَ أَمۡرُ رَبِّكَۖ﴾.
ثالثًا: أن هذا الذي أصاب فرعون وقومه قد أصاب أقوامًا سابقين، وفي هذا عبرة للاحقين
﴿وَكَذَ ٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَاۤ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِیَ ظَـٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥۤ أَلِیمࣱ شَدِیدٌ ﴿١٠٢﴾ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأَخِرَةِۚ ذَ ٰلِكَ یَوۡمࣱ مَّجۡمُوعࣱ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَ ٰلِكَ یَوۡمࣱ مَّشۡهُودࣱ﴾ في إشارة أن النجاة من هذا المصير البائس لن تكون إلا بالإيمان بالله والاستعداد ليوم الحساب.
رابعًا: أن الناس الذين انقسموا في هذه الحياة الدنيا بين مؤمن ومكذّب، ومقسط وظالم، وطائع وفاسق، هناك أيضًا سينقَسِمُون
﴿یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ فَمِنۡهُمۡ شَقِیࣱّ وَسَعِیدࣱ﴾،
﴿وَإِنَّ كُلࣰّا لَّمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمۡ رَبُّكَ أَعۡمَـٰلَهُمۡۚ إِنَّهُۥ بِمَا یَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾.