هود وصالح
عليهما السلام هما النموذج الأقرب زمانًا وموضوعًا لقصة
نوح عليه السلام؛ حيث الحياة البدائية التي تعتمد على الولاء القبلي وتقليد الآباء والأجداد، مع بساطة في مفردات الحياة، والجوانب التي عالجتها هذه الآيات في هذا النموذج تتلخص في الآتي:
أولًا: موضوع الدعوتين واحد
﴿وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۤۖ﴾،
﴿۞ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥ ۖ﴾ فهي الدعوة إلى التوحيد عند النبيين الكريميْن وبصيغة واحدة للدلالة على شدّة الشبه بين التجربتين.
ثانيًا: ترغيب النبييْن لقومهما بالاستغفار والتوبة، قال هود:
﴿وَیَـٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَیۡهِ یُرۡسِلِ ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡكُم مِّدۡرَارࣰا وَیَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ﴾، وقال صالح:
﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِیهَا فَٱسۡتَغۡفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَیۡهِۚ إِنَّ رَبِّی قَرِیبࣱ مُّجِیبࣱ﴾.
ثالثًا: ردَّت عاد على نبيها:
﴿قَالُواْ یَـٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَیِّنَةࣲ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِیۤ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِینَ﴾، كما ردَّت ثمود:
﴿قَالُواْ یَـٰصَـٰلِحُ قَدۡ كُنتَ فِینَا مَرۡجُوࣰّا قَبۡلَ هَـٰذَاۤۖ أَتَنۡهَىٰنَاۤ أَن نَّعۡبُدَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِی شَكࣲّ مِّمَّا تَدۡعُونَاۤ إِلَیۡهِ مُرِیبࣲ﴾.
رابعًا: تشابَهَت عاقبة القبيلَتَين إلى حدٍّ كبير، ففي عاد:
﴿وَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا هُودࣰا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَنَجَّیۡنَـٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِیظࣲ ﴿٥٨﴾ وَتِلۡكَ عَادࣱۖ جَحَدُواْ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ وَعَصَوۡاْ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمۡرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدࣲ ﴿٥٩﴾ وَأُتۡبِعُواْ فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا لَعۡنَةࣰ وَیَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ﴾، وفي ثمود:
﴿فَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا صَـٰلِحࣰا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡیِ یَوۡمِىِٕذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡعَزِیزُ ﴿٦٦﴾ وَأَخَذَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُواْ ٱلصَّیۡحَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِی دِیَـٰرِهِمۡ جَـٰثِمِینَ﴾.
خامسًا: افترَقَت قصة صالح عن قصة هود بإضافة مشهد الناقة، وهي آية أيّد الله بها دعوة صالح
﴿وَیَـٰقَوۡمِ هَـٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَایَةࣰۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِیۤ أَرۡضِ ٱلـلَّــهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوۤءࣲ فَیَأۡخُذَكُمۡ عَذَابࣱ قَرِیبࣱ ﴿٦٤﴾ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِی دَارِكُمۡ ثَلَـٰثَةَ أَیَّامࣲۖ ذَ ٰلِكَ وَعۡدٌ غَیۡرُ مَكۡذُوبࣲ﴾، في حين أن قصة هود لم تقترن بآية خارقة، وربما هذا هو الذي جعل قومه يقولون له:
﴿یَـٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَیِّنَةࣲ﴾.