فبدأ المفتش بأوعيتهم قبل وعاء أخيه، وذلك لتزول الرِّيبة التي يظنُّ أنها فعلت بالقصد. فلما لم يَجِدْ في أوعيتهم شيئاً، {استَخْرَجها من وعاء أخيه}: ولم يَقُلْ: وجدها أو سرقها أخوه مراعاةً للحقيقة الواقعة؛ فحينئذٍ تمَّ ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده على وجهٍ لا يشعر به إخوته. قال تعالى: {كذلك كِدْنا ليوسُفَ}؛ أي: يسَّرْنا له هذا الكيد الذي توصَّل به إلى أمرٍ غير مذموم. {ما كان لِيأخُذَ أخاه في دينِ الملكِ}: لأنَّه ليس من دينه أنْ يُتَمَلَّك السارق، وإنَّما له عندهم جزاء آخر؛ فلو رُدَّتِ الحكومة إلى دين الملك؛ لم يتمكَّنْ يوسُفُ من إبقاء أخيه عنده، ولكنَّه جعل الحكم منهم؛ ليتمَّ له ما أراد. قال تعالى: {نرفعُ درجاتٍ من نشاء}: بالعلم النافع ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها؛ كما رَفَعْنا درجاتِ يوسف. {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}؛ فكل عالم فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.