في هذه الآيات مشاهد متسلسلة للحلقة الختاميّة في هذه القصة الفريدة:
المشهد الأول: مشاورات الإخوة للخروج بحلٍّ مرضي بعد فقدهم لأخيهم الثاني الذي كان عنده صواع الملك ﴿فَلَمَّا ٱسۡتَیۡـَٔسُواْ مِنۡهُ خَلَصُواْ نَجِیࣰّاۖ قَالَ كَبِیرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَیۡكُم مَّوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِی یُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ یَأۡذَنَ لِیۤ أَبِیۤ أَوۡ یَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِیۖ﴾.
الأخ الكبير - وهو الأقرب إلى سنِّ أبيه - يشعر الآن بشعورٍ مُختلفٍ؛ إذ المعتاد في الناس أن يقوم ببعض دور الأب في حالة غيابه، الأخ الكبير الذي تقدَّم به السنُّ قياسًا بإخوته، وبهذا يكون قد انطفَأَت عنده جمرة الحسد، فهو أقربُ إلى الندم، وأكثر استعدادًا للتضحية وتحمُّل المسؤولية.
ثم وجَّه الكلام لإخوته: ﴿ٱرۡجِعُوۤاْ إِلَىٰۤ أَبِیكُمۡ فَقُولُواْ یَـٰۤأَبَانَاۤ إِنَّ ٱبۡنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدۡنَاۤ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا﴾ ثم أخذ يلقّنهم الحجة ﴿وَسۡـَٔلِ ٱلۡقَرۡیَةَ ٱلَّتِی كُنَّا فِیهَا وَٱلۡعِیرَ ٱلَّتِیۤ أَقۡبَلۡنَا فِیهَاۖ﴾.
المشهد الثاني: حالة الأب المكلوم وهو يتلقى خبر حبيبه الثاني، فرد عليهم وفق طبيعته البشرية ﴿قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ﴾ لأنهم أصحاب سابقة، فالتهمة تلبسهم لا محالة.
ثمَّ راح بعيدًا عن الناس متألمًا حزينًا ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ یَـٰۤأَسَفَىٰ عَلَىٰ یُوسُفَ وَٱبۡیَضَّتۡ عَیۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِیمࣱ﴾، ثم تدرك الشفقة أبناءه فكأنهم يلحقونه لوعظه ومواساته والتسلية عنه: ﴿قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ یُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَـٰلِكِینَ﴾، فكان يردّ عليهم: ﴿إِنَّمَاۤ أَشۡكُواْ بَثِّی وَحُزۡنِیۤ إِلَى ٱللَّهِ﴾، ثم يفتح بابًا من الرجاء والأمل: ﴿وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾، فيتحول الأمل إلى عملٍ ﴿یَـٰبَنِیَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلَا تَاْیۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱلـلَّــهِۖ﴾.
المشهد الثالث: مصارحةٌ وعتابٌ وصفحٌ جميلٌ؛ حيث استجاب الإخوة لأمر أبيهم وجاءوا إلى مصر ليتحسسوا وليطلبوا الميرة أيضا ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَیۡهِ قَالُواْ یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلۡعَزِیزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَیۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَیۡنَاۤۖ﴾ هنا رأى يوسف أنه قد حان الوقت لمصارحتهم ﴿قَالَ هَلۡ عَلِمۡتُم مَّا فَعَلۡتُم بِیُوسُفَ وَأَخِیهِ إِذۡ أَنتُمۡ جَـٰهِلُونَ﴾ ربما كانت كلمات يعقوب الأخيرة لهم قد هيَّأَتهم لمثل هذا الخبر، فلم يتَوَانَوا بالتفاعُل السريع: ﴿قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لَأَنتَ یُوسُفُۖ قَالَ أَنَا۠ یُوسُفُ وَهَـٰذَاۤ أَخِیۖ قَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡنَاۤۖ﴾ فلم يبق أمام إخوته إلا الاعتراف بالخطأ ﴿تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَیۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَـٰطِـِٔینَ﴾ وكان الرد المناسب لمقام الأنبياء وللخلق اليوسفي الجميل ﴿لَا تَثۡرِیبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡیَوۡمَۖ یَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ﴾.
اللهَ اللهَ يا يوسف! ما أسرع أن نسِيتَ فِعلَتَهم في الجُبِّ، وعذابات أبيك وأخيك، ومقولتهم قبل أيام فقط: ﴿إِن یَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخࣱ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ﴾ ينسَى يوسفُ كلَّ هذا وعَينُه على أبيه ﴿ٱذۡهَبُواْ بِقَمِیصِی هَـٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِی یَأۡتِ بَصِیرࣰا وَأۡتُونِی بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِینَ﴾.
المشهد الرابع: وجاءت البشرى من بعيد تحملها ريح يوسف التي تركها على قميصه: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِیرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَۖ﴾ إنها إشارات المحبِّين وشعارات الصالحين التي تجتاز السدود والحدود، لكن أصحاب الغفلة لا يرون ما يرى، ولا يجدون ما يجد: ﴿قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِی ضَلَـٰلِكَ ٱلۡقَدِیمِ﴾ وهؤلاء ليسوا أولاده؛ لأن أولاده في الطريق إليه وهم أهل البُشرى ﴿فَلَمَّاۤ أَن جَاۤءَ ٱلۡبَشِیرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِیرࣰاۖ﴾؛ لأنه لم يكن قد عمِيَ العمى المعروف، ولكنها غشاوة الحزن.
هنا في هذا الجو العاطفي تتحرك القلوب نحو فطرتها الأصلية: ﴿قَالُواْ یَـٰۤأَبَانَا ٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَاۤ إِنَّا كُنَّا خَـٰطِـِٔینَ﴾، ﴿قَالَ سَوۡفَ أَسۡتَغۡفِرُ لَكُمۡ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ﴾ تسويف لا يحمل معنى الغِل، وإنما هو تعبير عن انشغاله الآن بهذا الخبر السعيد الذي ملك عليه أحاسيسه ومشاعره، والله أعلم.
المشهد الخامس: اللقاء الحميم ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ یُوسُفَ ءَاوَىٰۤ إِلَیۡهِ أَبَوَیۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ﴾ وكان هذا بداية هجرة بني إسرائيل إلى مصر، وقد جمع الله شمل هذه الأسرة النبويّة الكريمة بعد فراقٍ طويلٍ وحوادث مؤلمة، وقد بدأ يوسف برفع أبويه على العرش وهو سرير الملك الذي أعدّه لهذا الغرض إجلالًا لمقام النبوة عند يعقوب ولمقام الأبوة لهما، ثم راح يشرح لهم قصته في جوٍّ من الأنس والمودة والرحمة ﴿وَقَالَ یَـٰۤأَبَتِ هَـٰذَا تَأۡوِیلُ رُءۡیَـٰیَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّی حَقࣰّـاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِیۤ إِذۡ أَخۡرَجَنِی مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ﴾.
ويلحظ هنا أنه لم يذكر الجُبَّ وهو أشدّ من السجن؛ لئلا يخجَلَ إخوتُه ويُذكِّرهم بشَنِيع فِعلَتهم، ولم يذكر لهم قصَّتَه مع امرأةِ العزيز؛ لئلا يقَعَ في عِرضها وسُمعَةِ أهلِها، وهذا من سنَّة التغافُل، وتعليمٌ لنا أن نستُرَ الزَّلَّات، ونحفظ الخصوصيَّات.
المشهد السادس: شكر ودعاء ﴿۞ رَبِّ قَدۡ ءَاتَیۡتَنِی مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِی مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِیِّۦ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡأَخِرَةِۖ تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ فنسب النِّعم إلى المُنعِم سبحانه، وهذا أصل الشكر كما قاله الجُنَيد وغيره، وربط بين الملك والعلم؛ إذ الملك لا يصلح بغير العلم، ثم وقف في محراب العبودية يسأل الله النصرة والولاية وحسن الخاتمة ورفقة الصالحين، اللهم فألحقنا بهم ولا تباعد بيننا وبينهم.
﴿فَلَمَّا ٱسۡتَیۡـَٔسُواْ مِنۡهُ﴾ أي: يئِسُوا من إقناع يوسف بالعدول عن أخذ أخيه، فالضمير يعود على يوسف، وهذا أقربُ للسياق لتقدُّم رجائهم واستعطافهم له، والله أعلم. ﴿خَلَصُواْ نَجِیࣰّاۖ﴾ انعزلوا عن الناس للتشاور. ﴿فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ﴾ لن أترك أرض مصر. ﴿وَسۡـَٔلِ ٱلۡقَرۡیَةَ ٱلَّتِی كُنَّا فِیهَا وَٱلۡعِیرَ ٱلَّتِیۤ أَقۡبَلۡنَا فِیهَاۖ ﮣ﴾ بمعنى: اسأل أهل مصر الذين كنا عندهم، واسأل رفقاءنا الذين حضروا معنا هناك وعادوا معنا الآن. ﴿قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرࣰاۖ﴾ سوَّلَت: زيَّنَت، وفيه جواز إساءة الظن بأهل السوابق. ﴿یَـٰۤأَسَفَىٰ عَلَىٰ یُوسُفَ﴾ الأسف: الحزن الشديد، كأنّ حزنه الجديد بفراق ولديه الأصغر والأكبر قد أحيا في نفسه حزنه الأول، وقد تمسّك الشيعة بهذا مستندًا لما يقومون به من مواكب ومآتم وبدع مختلفة في ذكرى استشهاد الحسين ، ولم يفرّقوا بين الحزن الفطري الذي لا يمكن التحرّز عنه ولو طال به الزمن، وبين الحداد وإعلان مظاهر الحزن التي يمكن التحكم بها، والتي قد حددها الشرع بثلاثة أيام إلا للمتوفى عنها زوجها فلها عدّتها المعروفة عند الفقهاء. ﴿عَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَنِی بِهِمۡ جَمِیعًاۚ﴾ يوسف وأخويه الأصغر والأكبر. ﴿وَٱبۡیَضَّتۡ عَیۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ﴾ غشيهما البياض المعروف الذي يكون بالحزن وغيره، وهو غير العمى. ﴿كَظِیمࣱ﴾ كاتم حزنه في قلبه. ﴿تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ یُوسُفَ﴾ تبقى ملازمًا لذكره. ﴿حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا﴾ شيئًا باليًا، كناية عن الهزال والمرض. ﴿أَشۡكُواْ بَثِّی﴾ البثُّ مصدرٌ معنويٌّ للشكوَى، ولو عكس فقال - في غير القرآن -: أبثُّ شكواي لصحَّ، والله أعلم. ﴿فَتَحَسَّسُواْ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ﴾ ابحَثُوا عنهما بدقَّةٍ ورفقٍ، وهو مخالفٌ للتجسُّس الذي يكون في تتبُّع الزلَّات والعورات. ﴿وَلَا تَاْیۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱلـلَّــهِۖ﴾ من رحمة الله. ﴿بِبِضَـٰعَةࣲ مُّزۡجَىٰةࣲ﴾ رديئة. ﴿لَا تَثۡرِیبَ عَلَیۡكُمُ﴾ التثريب: اللوم والتوبيخ. ﴿فَصَلَتِ ٱلۡعِیرُ﴾ فارقت أرض مصر. ﴿إِنِّی لَأَجِدُ رِیحَ یُوسُفَۖ﴾ رائحة يوسف، وهذه معجزة ليعقوب، أنه يشمُّ رائحةَ ابنه من قميصِهِ على بُعد فراسخ. ﴿لَوۡلَاۤ أَن تُفَنِّدُونِ﴾ تكذبوني وتتهموني بالضلال، وقد حصَلَ منهم هذا ﴿قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِی ضَلَـٰلِكَ ٱلۡقَدِیمِ﴾، وهؤلاء ليسوا أبناءه قطعًا؛ إذ كان أبناؤه في طريقهم إليه ولمَّا يصِلُوا بعد. ﴿فَٱرۡتَدَّ بَصِیرࣰاۖ﴾ زال البياض المانع من الإبصار، والأصل فيه أنه خارقة إلا إذا ثبت أن الخبر السار يشفي في مثل هذه الحال، والله أعلم. ﴿وَرَفَعَ أَبَوَیۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ﴾ هو من تغليب لفظ الأب على الأمِّ، وإطلاق وصف الأمِّ على زوجة الأب والتي ورد أنها خالة يوسف تزوجها يعقوب بعد وفاة أمّ يوسف، ويشهد لهذا غياب ذكر أمّه عن هذه الأحداث الجسام، والأمّ أولى بالحزن والرقة من الأب. ﴿وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدࣰاۖ﴾ الظاهر أنهم الأبَوَان والإخوة تصديقًا لرؤياه ﴿إِنِّی رَأَیۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَیۡتُهُمۡ لِی سَـٰجِدِینَ﴾ إلا أن ترتيب الآية هذه يوحي بأن أبويه لم يسجدا مع إخوته؛ لأنه بدأ الكلام برفعهما على العرش ثم ثنى بالسجود، ومقام الأبوين هنا أدعى للتمييز، فقد يكون سجودهما سجودًا مناسبًا لمقامهما، فهو سجودٌ معنويٌّ بمعنى أنهما دخلا في ملكه وتحت سلطانه، بخلاف إخوته الذين سجدوا له سجودًا جسديًّا بمعنى التحية للملوك والعظماء، وسجودًا معنويًّا بمعنى الدخول في ملكه وسلطانه، أما تصوّر سجود يعقوب لابنه يوسف سجودًا جسديًّا فهو مستبعد ولا يليق بمقام الأبوّة حتى لو كان بمعنى التحيّة، وفي ترتيب الآية متسع لهذا الاجتهاد، والله أعلم. ﴿وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ﴾ البادية. ﴿مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ﴾ نَزَغَ: تدخَّل بالإفساد، وقد أشرَكَ نفسه مع إخوته في هذا، بل بدأ بنفسه ﴿بَیۡنِی وَبَیۡنَ إِخۡوَتِیۤۚ﴾ تطييبًا لخاطرهم، وإسعادًا لأبَوَيه حينما يرَون هذا التسامُح وهذه المودَّة بين الأبناء. ﴿ءَاتَیۡتَنِی مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِی مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِۚ﴾ نسبة النعمة إلى المنعم، وهذا أصل الشكر، وربط بين الملك والعلم إذ لا يصلح الملك بغير العلم. ﴿أَنتَ وَلِیِّۦ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡأَخِرَةِۖ﴾ يطلب العون والتأييد من الله بصيغة الخبر المؤكّد ثقة بالله ولطفه ورحمته. ﴿تَوَفَّنِی مُسۡلِمࣰا﴾ دعاءٌ بحسن الخاتمة، وتأكيدٌ بأهميتها. ﴿وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ تذكيرٌ بصحبة الصالحين ومكانتها في الدارين، اللهم فلا تحرمنا.