يحتمل أنَّ معنى قوله: {وإن تَعْجَبْ}: من عظمة الله تعالى وكثرة أدلَّة التوحيد؛ فإنَّ العجب مع هذا إنكار المكذِّبين وتكذيبهم بالبعث وقولهم: {أإذا كُنَّا تراباً أإنّا لفي خلقٍ جديدٍ}؛ أي: هذا بعيدٌ في غاية الامتناع بزعمهم أنَّهم بعدما كانوا تراباً أن الله يُعيدهم؛ فإنَّهم من جهلهم قاسوا قدرة الخالق بقدرة المخلوق، فلما رأوا هذا ممتنعاً في قدرة المخلوق، ظنُّوا أنه ممتنعٌ على قدرة الخالق، ونسوا أنَّ الله خلقهم أول مرَّة ولم يكونوا شيئاً. ويُحتمل أنَّ معناه: وإنْ تعجَبْ من قولهم وتكذيبهم للبعث؛ فإنَّ ذلك من العجائب؛ فإنَّ الذي تُوَضَّح له الآيات ويرى منها الأدلة القاطعة على البعث ما لا يقبل الشكَّ والريبَ ثم ينكِرُ ذلك؛ فإنَّ قوله من العجائب، ولكن ذلك لا يُستغرب على {الذين كفروا بربهم}: وجَحَدوا وحدانيَّته، وهي أظهرُ الأشياء وأجلاها. {وأولئك الأغلالُ}: المانعة لهم من الهدى {في أعناقِهِم}: حيث دُعُوا إلى الإيمان فلم يؤمنوا، وعُرِضَ عليهم الهدى فلم يهتدوا، فقلِبَت قلوبهم وأفئدتهم عقوبةً على أنهم لم يؤمنوا به أول مرة. {وأولئك أصحابُ النار هم فيها خالدون}: لا يخرجون منها أبداً.