يخبر تعالى عن جهل المكذِّبين لرسوله، المشركين به، الذين وُعظوا فلم يتَّعظوا، وأُقيمت عليهم الأدلَّة فلم ينقادوا لها، بل جاهروا بالإنكار، واستدلُّوا بحِلْم الله الواحد القهار عنهم وعدم معاجلتهم بذنوبهم أنهم على حقٍّ، وجعلوا يستعجلون الرسول بالعذاب، ويقول قائلهم: {اللهمَّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندِكَ فأمطِرْ علينا حجارةً من السماء أو ائتِنا بعذابٍ أليم}! {و} الحال أنَّه {قد خَلَتْ من قبلهم المَثُلاتُ}؛ أي: وقائع الله وأيامه في الأمم المكذبين، أفلا يتفكَّرون في حالهم ويتركون جهلهم؟! {وإنَّ ربَّك لذو مغفرةٍ للناس على ظلمِهِم}؛ أي: لا يزال خيره إليهم وإحسانُه وبرُّه وعفوه نازلاً إلى العباد، وهم لا يزال شِرْكهم وعصيانهم إليه صاعداً؛ يعصونه فيدعوهم إلى بابه، ويجرِمون فلا يحرِمُهم خيره وإحسانه؛ فإنْ تابوا إليه؛ فهو حبيبُهم؛ لأنَّه يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين، وإن لم يتوبوا؛ فهو طبيبُهم؛ يبتليهم بالمصائب ليطهِّرهم من المعايب: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنَطوا من رحمةِ الله إنَّ الله يغفرُ الذُّنوب جميعاً إنَّه هو الغفور الرحيم}. {وإنَّ ربَّك لشديدُ العقابِ}: على من لم يزلْ مصرًّا على الذُّنوب، قد أبى التوبة والاستغفار والالتجاء إلى العزيز الغفار؛ فليحذرِ العبادُ عقوباتِهِ بأهل الجرائم؛ فإنَّ أخذَه أليم شديدٌ.