﴿رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ بِغَیۡرِ عَمَدࣲ تَرَوۡنَهَاۖ﴾ تنبيهُ الأذهان إلى الناموس الكوني الذي يُمسِك هذه الأجرام العلويَّة كلٌّ في نظامه وفلَكِه، وتعجيزٌ للبشر أن يرفَعُوا سقفًا فوقهم من غير عَمَدٍ مركوزة في الأرض.
﴿مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ﴾ بسَطَها لتكون صالحةً للبناء والزرع والسُّكنَى، وليس فيه نقضٌ لكرويَّتها؛ لأن بَسطَها مُتَّسعٌ لحركة الإنسان كما هو معلومٌ ومُشاهَد، والشكل الكلِّي للأرض غير محسوسٍ في مفردات الحياة، وإنما هو موزونٌ أيضًا لضبط الليل والنهار، كما قال في آية أخرى:
﴿یُكَوِّرُ ٱلَّیۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَیُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّیۡلِ ۖ﴾ [الزمر: 5].
﴿رَوَ ٰسِیَ﴾ صفة الجبال، وقد اكتَفَى بذِكرها عن ذِكر موصُوفها.
﴿یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَۚ﴾ يُغطِّي النهارَ بالليل، ويحجب عنكم ضوء الشمس بحركة الأرض المعروفة.
﴿صِنۡوَانࣱ وَغَیۡرُ صِنۡوَانࣲ﴾ من الشجر ما يتفرَّع عن أصلٍ واحدٍ، ومنها غير ذلك بأن تنبت كلُّ شجرةٍ بمفردها.
﴿یُسۡقَىٰ بِمَاۤءࣲ وَ ٰحِدࣲ﴾ إشارة إلى تنوُّع طعوم الثمرات وتنوُّع ألوانها مع أن غذاءها واحد.
﴿وَیَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّیِّئَةِ﴾ بالعذاب.
﴿وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَـٰتُۗ﴾ تذكير بما أصاب الأقوام السابقة، والمَثُلات جمع مَثُلة بمعنى: العظة والعبرة.
﴿لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۤۗ﴾ هلَّا أُنزِلت عليه معجزة كإحياء الموتى، ونزول
المائدة.
﴿إِنَّمَاۤ أَنتَ مُنذِرࣱۖ﴾ قصر إضافي، كأنه قال: إن مهمتك الإنذار وليس صُنع المعجزات، ثم عقب بقولِه:
﴿وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ﴾ فأنت لست بِدعًا من الهداة والدعاة والنبيين من قبلك، والنذارة متضمنة في الهداية، والله أعلم.
﴿وَمَا تَغِیضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ﴾ عام في كلِّ زيادة أو نقصان داخل الرحِم؛ من نزول البويضات الأنثوية، ودخول النُّطَف الذكَرية، وما يتم تلقيحه وما لا يتم، وعدد الأجِنَّة، وزيادة حجم الجنين ونقصانه، والسِّقط الذي يقع قبل اكتمال خلقه .. إلخ، فكلُّ هذا جارٍ على علم الله وكمال تقديرِه وتدبيرِه.
﴿ٱلۡمُتَعَالِ﴾ المتعالي والمنزَّه عن صفات النقص.
﴿مُسۡتَخۡفِۭ بِٱلَّیۡلِ﴾ يتخفَّى بظلام الليل.
﴿وَسَارِبُۢ بِٱلنَّهَارِ﴾ سالكٌ طريقه في وضح النهار، فالسارِب والمستخفِي في علم الله سواء.
﴿لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ﴾ ملائكة مُوكَّلون بالعبد يتعاقبون عليه بأمر الله، يُحصون عليه أقواله وأفعاله، فهذا معنى الحفظ هنا بمقتضى السياق، ولا يبعُد أيضًا تناوله لمعنى الصَّون والحماية، والله أعلم.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ فهذا مناط التكليف والاختبار والتمييز، وتحمل المسؤوليَّة على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة.
﴿وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا﴾ عذابًا وعقابًا على انحرافهم وتجنُّبهم طريق الهداية.
﴿وَالٍ﴾ يتولَّاهم بالتأييد والنصرة.
﴿یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا﴾ الخوف من الصواعق والرهبة من صوتها، والطمع بما تحمِله من خيرٍ للأرض والإنسان و
الأنعام.
﴿وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ﴾ يشهد بعظمة الله.
﴿شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ﴾ شديد القوة والعقوبة.
﴿كَبَـٰسِطِ كَفَّیۡهِ إِلَى ٱلۡمَاۤءِ لِیَبۡلُغَ فَاهُ﴾ كالظمآن الذي يُشير إلى الماء طمعًا في أن يصِل الماء إلى فمه، وهذا غاية العجز، والتمني الفاسد، والمثال بمُجمله دعوة لتحريك العقول وتحريك الهِمَم لمعرفة الحقِّ والأخذ به.
﴿وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ﴾ حركة الظل من شروق الشمس (وهو الغُدُوُّ)، إلى غروبها (وهو الأصيلُ) محكومة أيضًا بناموس الكون الذي قدَّرَه الله، وأخضَعَ له خَلقَه راغِبِين أو مُكرَهِين.