﴿أَفَمَنۡ هُوَ قَاۤىِٕمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ﴾ بالخلق والتدبير والإحاطة، وجواب السؤال مفهوم من السياق، أي: كمن هو ليس كذلك من أصنامكم التي لا تخلُق ولا تُدبِّر ولا تعلم شيئًا؟
﴿قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ﴾ أي: اذكروا لنا آلهتكم هذه لنرى إن كان منها ما يقدر على الخلق والتدبير! وفي الخطاب تعجيز وتهكُّم لا يخفى.
﴿أَم بِظَـٰهِرࣲ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ﴾ كلامٌ فارغٌ بلا حقيقة ولا بينة.
﴿عُقۡبَى ٱلَّذِینَ ٱتَّقَواْۚ﴾ عاقبتهم ومصيرهم.
﴿وَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَۖ﴾ ظاهرٌ في الثُّلَّة التي أسلمت من أهل الكتاب.
﴿وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن یُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ﴾ إشارة إلى أثر التعصُّب الحزبي في المعاندة ولو كانت على الباطل.
﴿حُكۡمًا عَرَبِیࣰّاۚ﴾ حكم إلهي جاء بلغة العرب، كما قال في سورة إبراهيم التالية:
﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ﴾ [إبراهيم: 4].
﴿یَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُۖ﴾ من الأشياء والأحكام وكلِّ ما يتعلَّق بهذا الخلق، فالكون كلُّه محكوم بإرادة الله وقُدرته، أما علمُ الله فهو الثابت الذي لا يتغيَّر
﴿وَعِندَهُۥۤ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ﴾ أصلُ الكتاب الذي قدَّر فيه المقادير على وفق علمه سبحانه الأزليِّ الأبديِّ، فطرُوُّ العلم بالنسبة لله محال، وكلُّ ما يحصُل في هذا الكون من تعاقُب النبيِّين بالشرائع المختلفة، أو تعاقُب الحوادث، وتغيُّر الأحوال فإنما هو محكومٌ بعلم الله الشامل الذي لا يغِيبُ عنه شيء.
﴿وَإِن مَّا نُرِیَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِی نَعِدُهُمۡ﴾ من العذاب.
﴿أَوۡ نَتَوَفَّیَنَّكَ﴾ قبل ذلك.
﴿أَوَلَمۡ یَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِی ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ﴾ إنذارٌ للمشركين بأن كلَّ سلطان آيِلٌ إلى النقصان ثم الزوال، وهذه سنَّة من سنن الله.
والمقصود بالأرض هنا: الدولة والسلطان الذي يقوم على أرضٍ محددةٍ، ثم تتآكل هذه الدولة وينكمش ذلك السلطان، وهذا أمر مُشاهَد ومعلوم في كلِّ أمم الأرض، وقرينةُ هذا التفسير قوله:
﴿وَٱللَّهُ یَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ﴾ سبحانه.
﴿فَلِلَّهِ ٱلۡمَكۡرُ جَمِیعࣰاۖ﴾ لأن الله يعلم حقيقةَ مكرهم
﴿یَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسࣲۗ﴾ وسيجازيهم عليه بما يناسبه من الجزاء، فكأنهم لم يمكروا إلا بأنفسهم
﴿وَسَیَعۡلَمُ ٱلۡكُفَّـٰرُ لِمَنۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾.
﴿وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَـٰبِ﴾ هم علماء أهل الكتاب الذين شهِدُوا لرسول الله
ﷺ بحسب ما يعلمونه من أوصافه في كتبهم، والله أعلم.