سورة النحل تفسير السعدي الآية 22

إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱۚ فَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأَخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةࣱ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ ﴿٢٢﴾

تفسير السعدي سورة النحل

ومع هذا؛ ليس فيهم من أوصاف الكمال شيء لا علمٌ ولا غيره. {أمواتٌ غير أحياء}: فلا تسمع ولا تُبْصِر ولا تَعْقِلُ شيئاً، أفتُتَّخَذُ هذه آلهة من دون ربِّ العالمين؟! فتبًّا لعقول المشركين ما أضلَّها وأفسدَها؛ حيث ضلَّت في أظهر الأشياء فساداً، وسوَّوا بين الناقص من جميع الوجوه؛ فلا أوصاف كمال، ولا شيء من الأفعال! وبين الكامل من جميع الوجوه الذي له كلُّ صفة كمال وله من تلك الصفة أكملها وأعظمها؛ فله العلم المحيطُ بكلِّ الأشياء والقدرةُ العامَّة والرحمة الواسعة التي ملأت جميع العوالم والحمدُ والمجدُ والكبرياء والعظمة التي لا يقدر أحدٌ من الخلق أن يحيطَ ببعض أوصافه، ولهذا قال: {إلهكم إلهٌ واحدٌ}: وهو الله الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلدْ، ولم يولدْ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ؛ فأهل الإيمان والعقول أجلَّتْه قلوبُهم، وعظَّمته، وأحبَّته حبًّا عظيماً، وصرفوا له كلَّ ما استطاعوا من القربات البدنيَّة والماليَّة وأعمال القلوب وأعمال الجوارح، وأثنَوْا عليه بأسمائِهِ الحسنى وصفاتِهِ وأفعاله المقدسة. و {الذين لا يؤمنونَ بالآخرة قلوبُهُم مُنْكِرَةٌ}: لهذا الأمر العظيم، الذي لا ينكِرُه إلاَّ أعظم الخَلْق جهلاً وعناداً، وهو توحيد الله. {وهم مستكبرونَ}: عن عبادته.