يخبر تعالى أنه الذي خَلَقَ العباد ونقلهم في الخليقة طوراً بعد طور، ثم بعد أن يستكملوا آجالهم يتوفَّاهم، ومنهم من يُعَمِّرُهُ حتى يُرَدَّ {إلى أرذل العُمُر}؛ أي: أخسّه، الذي يبلغ به الإنسان إلى ضَعْف القوى الظاهرة والباطنة، حتى العقل الذي هو جوهر الإنسان يزيد ضَعْفُهُ، حتى إنَّه ينسى ما كان يعلمه، ويصير عقلُهُ كعقل الطفل، ولهذا قال: {لِكَيْ لا يعلم بعدَ علم شيئاً إنَّ الله عليمٌ قديرٌ}؛ أي: قد أحاط علمه وقدرته بجميع الأشياء، ومن ذلك ما يُنَقِّلُ به الآدميَّ من أطوار الخلقة خلقاً بعد خلقٍ؛ كما قال تعالى: {الله الذي خَلَقَكُم من ضَعْفٍ ثم جعل من بعدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثم جعل من بعد قُوَّةٍ ضعفاً وشيبةً يَخْلُقُ ما يشاء وهو العليم القديرُ}.