أي: هو المنفرد بهذه النِّعم؛ حيث {أخرجكم من بطون أمَّهاتِكم لا تعلمونَ شيئاً}: ولا تقدِرون على شيءٍ. ثم إنَّه {جَعَلَ لكم السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ}: خصَّ هذه الأعضاء الثلاثة لشرفِها وفضلِها ولأنَّها مفتاحٌ لكلِّ علم؛ فلا وَصَلَ للعبد علمٌ إلاَّ مِنْ أحدِ هذه الأبواب الثلاثة، وإلاَّ؛ فسائر الأعضاء والقوى الظاهرة والباطنة هو الذي أعطاهم إيَّاها وجعل يُنَمِّيها فيهم شيئاً فشيئاً إلى أن يصل كلُّ أحدٍ إلى الحالة اللائقة به، وذلك لأجل أن يشكروا الله باستعمال ما أعطاهم من هذه الجوارح في طاعة الله؛ فمن استعملها في غير ذلك؛ كانتْ حجَّةً عليه، وقابل النعمة بأقبح المعاملة.