سورة النحل تفسير مجالس النور الآية 113

وَلَقَدۡ جَاۤءَهُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡهُمۡ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَهُمۡ ظَـٰلِمُونَ ﴿١١٣﴾

تفسير مجالس النور سورة النحل

المجلس السابع عشر بعد المائة: تتمَّة بناء المنظومة القِيَميَّة للمجتمع المسلم


من الآية (106- 128)


وهذا الدرس تتمَّة لما قبلَه:
18- الطمأنينة ﴿وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ﴾.
19- إيثار الدار الآخرة ﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا عَلَى ٱلۡأَخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾.
20- اليقظة وعدم الغفلة ﴿أُوْلَــٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَـٰرِهِمۡۖ وَأُوْلَــٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِلُونَ﴾.
21- الهجرة، متى دعت الحاجة إليها لحفظ الدين ومقاصده الكبرى.
22- الجهاد ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ هَاجَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَـٰهَدُواْ وَصَبَرُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾.
23- تحمل المسؤوليّة ﴿۞ یَوۡمَ تَأۡتِی كُلُّ نَفۡسࣲ تُجَـٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾.
24- شكر النعمة وعدم الكفر بها ﴿۞ یَوۡمَ تَأۡتِی كُلُّ نَفۡسࣲ تُجَـٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾. ﴿وَٱشۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾.
25- الكفاية وسدّ الحاجات المختلفة ﴿فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰا﴾.
26- الأمن، وقد جعل الله الجوع والخوف عقوبة الظالمين ﴿فَأَذَ ٰ⁠قَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ﴾.
27- التوبة والمراجعة والإصلاح ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ هَاجَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَـٰهَدُواْ وَصَبَرُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾.
28- الهمّة العالية ﴿إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ﴾.
29- التوحيد ونبذ الشرك ﴿قَانِتࣰا لِّلَّهِ حَنِیفࣰا وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾.
30- الحكمة ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ﴾.
31- الموعظة الحسنة ﴿وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ﴾.
32- الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن ﴿وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ﴾.
33- التمايز عن الضالّين والمنحرفين ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ﴾ وهو تأكيدٌ لما ورد في الفاتحة.
34- القصاص العادل ﴿وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ﴾ والصبر والعفو أفضل من القصاص في كثيرٍ من الحالات ﴿وَلَىِٕن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَیۡرࣱ لِّلصَّـٰبِرِینَ﴾.
35- انشراح الصدر وتنقيته من الحزن والضيق ﴿وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾.
36- التقوى ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِینَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾ والتقوى هي الخوف من الله، والحذر من عقوبته، إنها الرقابة الذاتيّة التي يصنعها الإيمان.


﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ﴾ رخصة في التلفظ بكلمة الكفر بشرطين: وجود إكراهٍ بالقتل أو الضرر الشديد الذي لا يمكن تحمله أو دفعه، ووجود طمأنينة إيمانيّة راسخة في القلب، وبهذين الشرطين امتازت هذه الرخصة عن مسمى التقيّة عند الشيعة، التي هي أقرب للنفاق والمجاملة المفتوحة لأدنى غرض أو مصلحة، ومعلوم أن هذه الرخصة نزلت بحقِّ سيدنا عمار بن ياسر ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
﴿طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ﴾ ختم عليها بظلمهم وسفههم فلا تكاد تفقه شيئًا.
﴿مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ﴾ فتنهم المشركون عن دينهم.
﴿لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ﴾ كناية عن الجوع العام الذي يكسو البلدة كلّها.
﴿حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةَ﴾ أكل الميتة، ويلحق به كلّ استعمالٍ محرّمٍ على خلافٍ معروفٍ في كتب الفقه.
﴿وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِیرِ﴾ ذكر الجزء وأراد الكل؛ إذ ليس في الخنزير شيء يؤكل لا لحمه ولا شحمه، ويلحق بالأكل كلّ استعمالٍ محرّمٍ، ومحل هذه المسألة الفقهيّة كتب الفقه.
﴿وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۖ﴾ القرابين والنذور التي تقدم لغير الله كالأوثان والقبور وغيرها.
﴿فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَیۡرَ بَاغࣲ وَلَا عَادࣲ﴾ اضطرارًا لشدة الجوع من غير قصدٍ للمعصية ولا إسرافٍ فيها فوق ما يدفع الضرر.
﴿إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ﴾ بهمَّتِه، وحرصه على هداية الأمة، وانتشالها من مستنقعات الجهل والشرك والظلم، وهو بهذا إمامٌ وقدوةٌ للناس عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام.
﴿إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُواْ فِیهِۚ﴾ تنويه بأهميّة التمايز عن اليهود، فنحن لنا الجمعة، وقد جعل الله لليهود السبت، وشدد عليهم فيه بسبب اختلافهم على نبيهم موسى عليه السلام، وقد جاء هذا التنويه بعد قوله: ﴿أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ حَنِیفࣰاۖ﴾ لكي لا يظنَّ ظانٌّ أن تعظيمَ السبت كان من مِلَّة إبراهيم عليه السلام.
﴿ضَیۡقࣲ﴾ الغم والكرب.
يمكن القول في ختام هذه القراءة أن هذه السورة المباركة هي سورة النِّعَم والقِيَم، وأنها صورة مركَّزة لما ينبغي أن تكون عليه حياة المسلمين.