سورة النحل تفسير مجالس النور الآية 92

وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِی نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَـٰثࣰا تَـتَّـخِذُونَ أَیۡمَـٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَیۡنَكُمۡ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرۡبَىٰ مِنۡ أُمَّةٍۚ إِنَّمَا یَبۡلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِۦۚ وَلَیُبَیِّنَنَّ لَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴿٩٢﴾

تفسير مجالس النور سورة النحل

المجلس السادس عشر بعد المائة: بناء المنظومة القِيَميَّة للمجتمع المسلم


من الآية (89- 105)


المنظومة القِيَميَّة هي مجموعة المعايير الحاكمة على سلوك الأفراد والجماعات، والتي تشكل الرأي العام في المجتمع؛ بحيث نستطيع دون اللجوء إلى المختصّين من قُضاة ومُفتين وخبراء أن نميّز المقبول من غيره في تصرُّفات الناس وعاداتهم وعلاقاتهم، والسورة التي وضعت الأسس الكبرى لمنظومة القيم الإسلاميّة هي سورة الفاتحة، وكلّ سورة تناولت القيم إنما هي تبني على تلك الأسس وتُفصِّل وتبيِّن، وفي هذا الدرس وما بعده سنستخلص أبرز القيم التي تناولتها هذه الآيات وبحسب ترتيبها القرآني:
1- الشموليّة ﴿تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ﴾ فالإسلام يغطي أحوال المكلفين واحتياجاتهم النظريّة والعمليّة ولا يُحْوِجهم إلى غيره.
2- الهدى ﴿وَهُدࣰى﴾ وهو تأكيدٌ لقوله في الفاتحة: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ﴾ [الفاتحة: 6].
3- الرحمة ﴿وَرَحۡمَةࣰ﴾ وهي القيمة التي تكررت في الفاتحة أربع مراتٍ بتكرار اسميْ الله؛ ﴿ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ﴾ [الفاتحة: 3].
4- البشارة ﴿وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ﴾ فالإسلام دين التبشير لا التنفير.
5- العدل ﴿۞ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ﴾ وهو من لوازم ﴿ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ﴾ الذي ليس فيه اعوجاج أو ظلم.
6- الإحسان ﴿وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ﴾ وهو متضمن معنى الإتقان ودقة العمل لمحل المراقبة الذاتية «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ».
7- صلة الرحم ﴿وَإِیتَاۤىِٕ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ﴾.
8- النهي عن المنكر بأنواعه ﴿وَیَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡیِۚ﴾.
9- الوفاء بالعهد ﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَیۡمَـٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِیدِهَا﴾.
10- أمانة الدين والعلم ﴿وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنࣰا قَلِیلًاۚ﴾.
11- الصبر ﴿وَلَنَجۡزِیَنَّ ٱلَّذِینَ صَبَرُوۤاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ یَعۡمَلُونَ﴾.
12- العمل ﴿مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ﴾.
13- تجنُّب طريق الشيطان ﴿فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ﴾.
14- التوكُّل المقرُون بالعمل ﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ﴾.
15-الثبات ﴿لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُواْ﴾.
16- البيان والوضوح ﴿وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِیࣱّ مُّبِینٌ﴾.
17- الصدق ﴿إِنَّمَا یَفۡتَرِی ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱلـلَّــهِۖ﴾.


﴿تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ﴾ يحتاج إليه الناس من عقائد وشرائع.
﴿وَإِیتَاۤىِٕ ذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ﴾ صلة الرحم.
﴿وَٱلۡبَغۡیِۚ ﮈ﴾ العدوان.
﴿ٱلۡأَیۡمَـٰنَ﴾ جمع يمين، وهو الحلف بالله.
﴿أَنكَـٰثࣰا﴾ جمع نِكْث، وهو النقض.
﴿دَخَلَۢا بَیۡنَكُمۡ﴾ خيانة بعضكم بعضًا.
﴿أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرۡبَىٰ مِنۡ أُمَّةٍۚ﴾ ذكر سببًا من أسباب نقض العهود، وهو أن يُبْرَم حِلْف وميثاق جديد مع جماعة أكثر عددًا وأقوى شوكة من صاحبة الميثاق الأول فتشترط الثانية إبطال الأول، وهذا شائعٌ في الأعمال السياسيّة والتحالفات التجاريّة.
﴿إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ﴾ اتِّهامُ المشركين لرسول الله بالكذب على الله - حاشَاه - حينما ينزل تشريعٌ جديدٌ فيه إضافة أو تعديل أو تدرُّج بما تقتَضِيه حركة المجتمع المسلم إبَّان التشريع.
﴿رُوحُ ٱلۡقُدُسِ﴾ جبريل عليه السلام.
﴿لِّسَانُ ٱلَّذِی یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِیࣱّ﴾ أن قريشًا كانت تتهم النبيَّ أنّه أخذ القرآن عن رجلٍ معروف عندهم وهو من العَجَم، أي: لم يكن عربيًّا، و﴿یُلۡحِدُونَ﴾ هنا معناها: يَمِيلُون بالتهمة إليه.