يذكر تعالى رحمته بعدم إنزاله الآيات التي يقترحُ بها المكذِّبون، وأنَّه ما منعه أن يرسِلَها إلاَّ خوفاً من تكذيبهم لها؛ فإذا كذَّبوا بها؛ عاجَلَهم العقابُ وحلَّ بهم من غير تأخيرٍ كما فعل بالأولين الذين كذبوا بها، ومن أعظم الآيات الآيةُ التي أرسلها الله إلى ثمود، وهي الناقة العظيمةُ الباهرة التي كانت تصدُرُ عنها جميع القبيلة بأجمعها، ومع ذلك كذَّبوا بها، فأصابهم ما قصَّ الله علينا في كتابه. وهؤلاء كذلك؛ لو جاءتهم الآيات الكبار؛ لم يؤمنوا؛ فإنَّه ما منعهم من الإيمان خفاءُ ما جاء به الرسول واشتباهه هل هو حقٌّ أو باطل؟ فإنه قد جاء من البراهين الكثيرة ما دلَّ على صحَّة ما جاء به الموجب لهداية مَنْ طلب الهداية؛ فغيرُها مثلُها، فلا بدَّ أن يسلكوا بها ما سلكوا بغيرها، فتركُ إنزالها والحالة هذه خيرٌ لهم وأنفع. وقوله: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً}؛ أي: لم يكن القصدُ بها أن تكون داعيةً وموجبةً للإيمان الذي لا يحصُلُ إلاَّ بها، بل المقصود منها التخويف والترهيب؛ ليرتدِعوا عن ما هم عليه.