{وإذ قلنا لك إنَّ ربَّك أحاط بالناس}: علماً وقدرةً؛ فليس لهم ملجأ يلجؤون إليه ولا ملاذٌ يلوذون به عنه، وهذا كافٍ لمن له عقلٌ في الانكفاف عما يكرهه الله الذي أحاط بالناس، {وما جَعَلْنا الرؤيا التي أرَيْناك}: أكثر المفسرين على أنَّها ليلة الإسراء، {والشجرةَ الملعونةَ}: التي ذكرت {في القرآن}: وهي شجرة الزقُّوم التي تَنْبُتُ في أصل الجحيم. والمعنى: إذا كان هذان الأمران قد صارا فتنةً للناس، حتى استلجَّ الكفَّار بكفرهم وازداد شرُّهم، وبعض مَن كان إيمانُهُ ضعيفاً رجع عنه، بسبب أنَّ ما أخبرهم به من الأمور التي كانت ليلة الإسراء، ومن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان خارقاً للعادة، والإخبار بوجود شجرةٍ تَنْبُتُ في أصل الجحيم أيضاً من الخوارق؛ فهذا الذي أوجب لهم التكذيب؛ فكيفَ لو شاهدوا الآيات العظيمة والخوارق الجسيمة؟! أليس ذلك أولى أن يزداد بسببه شرُّهم؛ فلذلك رحمهم الله وصرفها عنهم. ومن هنا تعلمُ أنَّ عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الأمورِ العظيمة التي حَدَثَتْ في الأزمنة المتأخِّرة أولى وأحسن؛ لأنَّ الأمور التي لم يشاهِدِ الناس لها نظيراً ربَّما لا تقبلها عقولُهم، [لو أُخْبِرُوا بها قبل وُقُوعِها] فيكون ذلك ريباً في قلوب بعض المؤمنين ومانعاً يمنعُ من لم يدخُل الإسلام ومنفراً عنه، بل ذكر الله ألفاظاً عامَّة تتناول جميع ما يكون. والله أعلم. {ونخوِّفُهم}: بالآيات، {فما يزيدهم}: التخويف {إلاَّ طغياناً كبيراً}: وهذا أبلغ ما يكون في التحلِّي بالشرِّ ومحبَّته وبغض الخير وعدم الانقياد له.