﴿یَهۡدِی لِلَّتِی هِیَ أَقۡوَمُ﴾ للطريقة الأحسن والأعدل.
﴿وَیَدۡعُ ٱلۡإِنسَـٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَاۤءَهُۥ بِٱلۡخَیۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَجُولࣰا﴾ يدعو على نفسه عند غضبه وفوات بعض مصالحه بالشرِّ كما كان يدعو لنفسه بالخير؛ وذلك لأنه قليلُ الصبر.
﴿فَمَحَوۡنَاۤ ءَایَةَ ٱلَّیۡلِ﴾ المَحوُ هنا بمعنى: الطَّمس، أي: طمَسنَا الليلَ بظُلمته، فلا تظهر فيه الأشياء.
﴿وَجَعَلۡنَاۤ ءَایَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةࣰ﴾ بضياء الشمس، فتنكَشِفُ الأشياءُ أمام البصر، حتى يتمكَّن الناسُ من العمل وطلب الرزق
﴿لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلࣰا مِّن رَّبِّكُمۡ﴾.
﴿وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِینَ وَٱلۡحِسَابَۚ﴾ أي: بتعاقب الليل والنهار، وفيه إشارةٌ إلى أن الأخذ بالحساب الفلكي مطلوبٌ شَرعًا، ومُرغَّبٌ فيه؛ لما في التعليل بعُمومه من المنَّة الظاهرة، والله أعلم.
﴿وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلۡزَمۡنَـٰهُ طَـٰۤىِٕرَهُۥ فِی عُنُقِهِۦۖ﴾ الطائر هنا مُفسَّرٌ بما بعده:
﴿ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ﴾، وهو كتابُ الأعمال الذي يُحصِي على المُكلَّف كلَّ حسنةٍ وكلَّ سيئةٍ.
وقال:
﴿فِی عُنُقِهِۦۖ﴾ مع أن الكتب تُؤخَذ بالأيمان أو الشمائل؛ تأكيدًا لمعنى تعلُّق الذمة والمسؤولية، على عادة العرب في قولهم: في رقبتي، أي: في ذمَّتي وعهدي.
وإطلاق الطائر على كتاب الأعمال؛ لأن العرب كانت تتيامَن أو تتشاءَم بحركة الطير يمينًا أو شمالًا، فكأنَّه يقول لهم: إنَّ يُمنَكم الحقُّ وشُؤمَكم الحقُّ ليس في ذلك الطائر، وإنما في ما تُقدِّمون من عملٍ، وهو نظيرُ قوله
ﷺ في الحديث: «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ».
فالدهرُ ليس هو الذي يُقدِّرُ آجالكم وأرزاقكم التي تتبرَّمُون بها، وإنما هو الله خالِقُ الدهر، والدهرُ ليس اسمًا لله.
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ﴾ ولا تحمل نفسٌ آثمة إثمَ نفسٍ أخرى.
﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولࣰا﴾ بحيث تصِل دعوتُه إلى المُكلَّف، فإن لم تصِل إليه لتباعُد الأصقاع، وتباعُد الأزمان، فهو كحالِ مَن عدمت فيهم الرسالة، والله أعلم.
﴿أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا﴾ المُنعَّمِين فيها أهل التَّرَف، والمقصودُ بهم هنا: ذَوُو الجاه والتأثير في مُجتمعاتهم، وإلا فأمرُ الله واحدٌ لجميع عِباده يأمُرُهم بالطاعة، لكن هؤلاء المُترَفين يأبَون ذلك في حقِّ أنفسهم، وفي حقِّ أتباعهم.
﴿مَّن كَانَ یُرِیدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِیهَا مَا نَشَاۤءُ﴾ أي: مَن كان همُّه الدنيا دون الآخرة أعطاه الله من الدنيا على وفق جهده وكَدِّه لا يُظلم في ذلك، وهذا مِن سُنَنه تعالى ومشيئته العادلة، وبهذا نرى الكافر الذي يأخذ بأسباب القوة والعلم والرزق يصِل إلى ما يُريد، بخلاف الجاهل العاجز ولو كان مسلمًا.
﴿مَّدۡحُورࣰا﴾ مطرودًا من رحمة الله.
﴿كُلࣰّا نُّمِدُّ هَـٰۤـؤُلَاۤءِ وَهَـٰۤـؤُلَاۤءِ﴾ الطائعين والعاصين،
﴿مِنۡ عَطَاۤءِ رَبِّكَۚ﴾ من رزقه في هذه الحياة على وفق سُننه تعالى الحاكمة والعادلة.
﴿فَتَقۡعُدَ مَذۡمُومࣰا مَّخۡذُولࣰا﴾ كأنَّ المؤمن الموحِّد يرتَقِي بإيمانه، والمشرك يقعُد ويلتصق بالأرض مذمومًا ومخذولًا بلا ناصر ينصره، أو مُعين يُعينُه.