وقوله:
{لينذِرَ بأساً شديداً من لَدُنْه}؛ أي: لينذر بهذا القرآن الكريم عقابَه الذي عنده؛ أي: قدره وقضاه على من خالف أمره، وهذا يشمَلُ عقاب الدُّنيا وعقاب الآخرة. وهذا أيضاً من نعمه أنْ خوَّف عباده وأنذرَهم ما يضرُّهم ويُهلكهم؛ كما قال تعالى لما ذَكَرَ في هذا القرآن وصف النار؛ قال:
{ذلك يُخَوِّفُ الله به عبادَه يا عبادِ فاتَّقونِ}؛ فمن رحمته بعباده أن قيَّضَ العقوباتِ الغليظةَ على من خالف أمره وبيَّنها لهم وبيَّن لهم الأسباب الموصلة إليها.
{ويبشِّر المؤمنين الذين يعملونَ الصَّالحاتِ أنَّ لهم أجراً حسناً}؛ أي: وأنزل الله على عبدِهِ الكتاب ليبشِّر المؤمنين به وبرسلِهِ وكتبِهِ الذين كمل إيمانهم، فأوجب لهم عمل الصالحات، وهي الأعمال الصالحة من واجبٍ ومستحبٍّ، التي جمعت
الإخلاص والمتابعة:
{أنَّ لهم أجراً حسناً}: وهو الثوابُ الذي رتَّبه الله على الإيمان والعمل الصالح، وأعظمُهُ وأجلُّه الفوز برضا الله ودخول الجنة التي فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خَطَرَ على قلب بشر. وفي وصفه بالحُسْنِ دلالةٌ على أنَّه لا مكدِّر فيه ولا منغِّص بوجه من الوجوه؛ إذْ لو وُجِدَ فيه شيءٌ من ذلك؛ لم يكن حسنُهُ تامًّا.