{إنَّا مَكَّنَّا له في الأرض}؛ أي: مَلَّكَهُ الله تعالى ومكَّنه من النفوذ في أقطار الأرض وانقيادهم له. {وآتَيْناه من كلِّ شيءٍ سبباً. فأتبع سبباً}؛ أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وَصَلَ إليه ما به يستعين على قهر البلدان وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعَمِلَ بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها؛ أي: استعملها على وجهها؛ فليس كلُّ من عنده شيءٌ من الأسباب يسلُكُه، ولا كلُّ أحدٍ يكون قادراً على السبب؛ فإذا اجتمع القدرةُ على السبب الحقيقيِّ والعملُ به؛ حصل المقصودُ، وإن عُدِما أو أحدُهما؛ لم يحصُل، وهذه الأسبابُ التي أعطاه الله إيَّاها لم يُخْبِرْنا الله ولا رسولُهُ بها، ولم تتناقَلْها الأخبارُ على وجهٍ يفيدُ العلم؛ فلهذا لا يَسَعُنا غير السكوت عنها وعدم الالتفات لما يَذْكُرُهُ النقلة للإسرائيلياتِ ونحوها، ولكنَّنا نعلم بالجملة أنَّها أسبابٌ قويَّة كثيرةٌ داخليةٌ وخارجيةٌ، بها صار له جندٌ عظيمٌ ذو عَددٍ وعُددٍ ونظام، وبه تمكَّن من قهر الأعداء ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها وأنحائها.