{قال كذلكِ قال ربُّكِ هو عليَّ هيِّنٌ ولِنَجْعَلَه آيةً للناسِ}: تدلُّ على كمال قدرةِ الله تعالى وعلى أنَّ الأسباب جميعها لا تستقلُّ بالتأثير، وإنَّما تأثيرها بتقدير الله، فيُري عباده خرقَ العوائد في بعض الأسباب العاديَّة؛ لئلاَّ يقفوا مع الأسباب، ويقطعوا النظر عن مقدِّرها ومسبِّبها. {ورحمة منَّا}؛ [أي]: ولنجعله رحمةً منَّا به وبوالدته وبالناس: أما رحمةُ الله به؛ فَلِمَا خَصَّه الله بوحيه، ومنَّ عليه بما منَّ به على أولي العزم. وأما رحمتُهُ بوالدته؛ فَلِمَا حصل لها من الفخرِ والثناء الحسن والمنافع العظيمة. وأما رحمتُهُ بالناس؛ فإنَّ أكبر نعمه عليهم أن بَعَثَ فيهم رسولاً، يتلو عليهم آياته، ويزكيِّهم، ويعلِّمهم الكتاب والحكمة فيؤمنون به، ويطيعونه، وتحصُلُ لهم سعادةُ الدنيا والآخرة. {وكان}؛ أي: وجود عيسى عليه السلام على هذه الحالة {أمراً مقضِيًّا}: قضاء سابقاً؛ فلا بدَّ من نفوذ هذا التقدير والقضاء، فنفخ جبريل عليه السلام في جيبها.