لما بيَّن تعالى حال عيسى ابن مريم الذي لا يُشَكُّ فيها ولا يُمترى؛ أخبر أنَّ
الأحزاب؛ أي: فرق الضلال من اليهود والنصارى وغيرهم على اختلاف طبقاتهم اختلفوا في عيسى عليه السلام؛ فمن غالٍ فيه وجافٍ؛ فمنهم من قالَ: إنه الله! ومنهم من قال: إنه ابن الله! ومنهم من قال: إنه ثالثُ ثلاثة! ومنهم من لم يجعلْه رسولاً، بل رماه بأنَّه ولد بغيٍّ كاليهود! وكل هؤلاء أقوالهم باطلةٌ، وآراؤهم فاسدةٌ مبنيَّة على الشكِّ والعناد والأدلَّة الفاسدة والشُّبه الكاسدة، وكلُّ هؤلاء مستحقُّون للوعيد الشديد، ولهذا قال:
{فويلٌ للذين كفروا}: بالله ورسله وكتبه، ويدخُلُ فيهم اليهودُ والنصارى، القائلون بعيسى قول الكفر،
{من مَشْهَدِ يوم عظيم}؛ أي: مشهد يوم القيامة، الذي يشهدُهُ الأوَّلون والآخرون، أهل السماوات وأهل الأرض، الخالق والمخلوق، الممتلئ بالزلازل والأهوال، المشتمل على الجزاء بالأعمال؛ فحينئذٍ يتبيَّن ما كانوا يُخفون، ويبُدون، وما كانوا يكتمون.